لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (110)

قوله تعالى : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } قال ابن عباس : يعني ونحول بينهم وبين الإيمان فلو جئناهم بالآيات التي سألوها لما آمنوا بها . والتقليب هو تحويل الشيء وتحريكه عن وجهه إلى وجه آخر لأن الله تعالى إذا صرف القلوب والأبصار عن الإيمان بقيت على الكفر { كما لم يؤمنوا به أول مرة } يعني كما لم يؤمنوا بما قبل ذلك من الآيات التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل انشقاق القمر وغير ذلك من المعجزات الباهرات ، وقيل : أول مرة يعني الآيات التي جاء بها موسى وغيره من الأنبياء .

وقال ابن عباس : المرة الأولى دار الدنيا يعني لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة قبل مماتهم وفي الآية دليل على أن الله تعالى : { يهدي من يشاء ويضل من يشاء } وأن القلوب والأبصار بيده وفي تصريفه فيقيم ما شاء منها ويزيغ ما أراد منها ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك » فمعنى قوله بقلب أفئدتهم نزيغها عن الإيمان ونقلب أبصارهم عن رؤية الحق ومعرفة الصواب وإن جاءتهم الآية التي سألوها فلا يؤمنون بها كما لم يؤمنوا بالله ورسوله وبما جاء من عند الله ، فعلى هذا تكون الكناية في به عائدة على الإيمان بالقرآن وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل سؤالهم الآيات التي اقترحوها .

وقوله تعالى : { ونذرهم في طغيانهم يعمهون } يعني ونترك هؤلاء المشركين الذين سبق علم الله أنهم لا يؤمنون في تمردهم على الله واعتدائهم عليه يترددون لا يهتدون إلى الحق .