الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (110)

قوله : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } الآية [ 111 ] .

المعنى : أنهم لما أشركوا وجحدوا ، لم يثبت الله قلوبهم على شيء{[21409]} . قال ابن زيد : ( المعنى ){[21410]} : نمعنهم{[21411]} من الإيمان كما فعلنا بهم أول مرة{[21412]} . وقيل : المعنى : لو جئناهم بآية ما آمنوا كما لم يؤمنوا أول مرة ، لأن الله حال بينهم وبين ذلك{[21413]} .

وقال مجاهد : المعنى : يحول بينهم وبين الإيمان ، ولو جاءتهم كل آية لا يؤمنون كما حُلْنا بينهم وبين الإيمان أول مرة{[21414]} . كأن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والمعنى : { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } كما لم يؤمنوا به أول مرة ، وذلك قبل إتيان الآية : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } ، { ونذرهم في طغيانهم يعمهون }{[21415]} .

وقيل : المعنى : أن الله جل ذكره جعل عقوبة الإعراض عن الحق – بعد أن بين{[21416]} لهم – الطبع على قلوبهم ، و( الغشاوة ){[21417]} على أبصارهم{[21418]} .

والهاء في ( به ) للقرآن{[21419]} . وقيل : لمحمد{[21420]} . وقيل : للمسؤول ، أي : كما لم يؤمن أوائلهم بما سألوا من الآيات بعد نزولها ، فكذلك يفعل كفار قريش لو نزل عليهم ما سألوا من الآيات .

وعن ابن عباس : ( أن المعنى ){[21421]} : أن الله ( أخبرنا ما يفعل بعباده ){[21422]} لو ردهم إلى الدنيا فقال : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يومنوا به أول مرة } ، أي : لو ردوا إلى الدنيا لَحِيلَ{[21423]} بينهم وبين الهدى ، كما حيل{[21424]} بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا{[21425]} .

قال الطبري : المعنى : ونُقلّبُ أفئدتهم فنزيغها عن الإيمان ، وأبصارهم عن رؤية الحق ، كما لم يؤمنوا بتقليبنا إياها قبل مجيئها أول مرة ، أي : قبل ذلك{[21426]} .

والهاء عنده تعود على التقليب{[21427]} ، وفيما تقدّم من الأقوال : تعود على الهدى ، أو على الإيمان ، وقد قيل : على الرسول ، وقيل : ( على القرآن ){[21428]} . وقيل : على الله جل ذكره{[21429]} .

وقوله : { ونذرهم في طغيانهم يعمهون } أي : نتركهم في حيرتهم يترددون{[21430]} . قال{[21431]} النحاس : المعنى : نُقلّب{[21432]} أفئدتهم وأبصارهم على لهب النار كما لم يؤمنوا به في الدنيا . ثم قال : { ونذرهم في طغيانهم يعمهون{[21433]} } ، أي : ونمهلهم في الدنيا فلا نعاقبهم ، أي : ونتركهم في طغيانهم يتحيَّرون{[21434]} .


[21409]:هو قول ابن عباس في تفسير الطبري 12/44.
[21410]:ساقطة من ب د.
[21411]:ب: نمتعهم.
[21412]:انظر: تفسير الطبري 12/44.
[21413]:هو قول ابن عباس وابن زيد ومجاهد في تفسير الطبري 12/44.
[21414]:انظر: تفسير الطبري 12/44.
[21415]:انظر: تفسير الطبري 12/45.
[21416]:ب د: تبين.
[21417]:أ ب: الغشوة. د: العشاوة.
[21418]:انظر: التفسير الكبير 13/148، 149، وتفسير البحر 4/203 وفيه أنه: (معنى ما قاله ابن عباس ومجاهد وابن زيد).
[21419]:انظر: المحرر 6/130.
[21420]:انظر: المصدر السابق.
[21421]:ساقطة من د.
[21422]:ب د: أخبرها بفعل بعبادة.
[21423]:ب: يحول.
[21424]:ب: يصل.
[21425]:انظر: تفسير الطبري 12/45.
[21426]:انظر: تفسيره 12/45.
[21427]:ب: التغليب. وانظر: تفسيره 12/46.
[21428]:مكررة في ب. وقد سبق – قبل قليل – الحديث عن هذا الضمير.
[21429]:انظر: المحرر 6/130.
[21430]:انظر: تفسير الطبري 12/46.
[21431]:د: وقال.
[21432]:ب د: ونقلب.
[21433]:د: يعهون.
[21434]:انظر : إعرابه 1/574.