تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (110)

الآية 110 وقوله تعالى : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } أي نقلب أفئدتهم وأبصارهم بالحجج والآيات ، ونرددها ، فلا يؤمنون { كما لم يؤمنوا به أول مرة }

وقال أهل التأويل : { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآيات فلا يؤمنون كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة .

ويحتمل وجها آخر ؛ وهو أن يقلب في أفئدتهم وأبصارهم آيات وحدانيته وألوهيته ، فلا يؤمنون { كما لو يؤمنوا به أول مرة } .

ثم تخصيص الأفئدة والأبصار دون غيرها{[7615]} من الجوارح لأن القلب والبصر لا يقع إلا على ما يشهد كل على وحدانية الله وألوهيته .

وقوله تعالى : { كما لم يؤمنوا به أول مرة } قال بعضهم " إن هؤلاء ، وإن جاءتهم آية فإنهم لا يؤمنون [ بها ]{[7616]} كما لم يؤمن أوائلهم من الأمم الخالية لما سألوا الآيات قبلهم ، فكذلك هؤلاء لا يؤمنون بها ، وإن جاءتهم الآية بعد السؤال .

وقال غيرهم ، قوله تعالى : { كما لم يؤمنوا به أول مرة } أي قد جاءتهم آيات قبل هذا على غير سؤال ، فلم يؤمنوا بها ، فكذلك ، وإن جاءتهم بالسؤال فلا يؤمنون .

ويحتمل وجها آخر ؛ وهو أن مشركي العرب كانوا يقسمون بالله أنه إن جاءهم نذير يؤمنوا{[7617]} به ، وهو قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم } [ فاطر : 42 ] يعنون ، والله أعلم ، اليهود والنصارى ؛ أي لو جاءهم نذير ليكونن{[7618]} أهدى من اليهود والنصارى { فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا } [ فاطر : 42 ] يخبر أنهم كما لم يؤمنوا بالنذير عند سؤالهم النذير في الابتداء ، إذا جاءهم نذير ، فكذلك أيضا لا يؤمنون عند سؤالهم الآيات .

وإن جاءتهم آيات ، يخبر نبيه أنهم ليسوا يسألون الآيات سؤال استرشاد ، ولكن يسألون سؤال عند ومكابرة . وهذا التأويل كان أقرب .

وقوله تعالى : { ونذرهم في طغيانهم يعمهون } إذا علم أنهم لا يؤمنون تركهم في ظلمات ضلالتهم يعمهون ، ويتحيرون والعمه الحيرة في اللغة .


[7615]:- في الأصل وم: غيرهم.
[7616]:- ساقطة من الأصل وم.
[7617]:- في الأصل وم: يؤمنون.
[7618]:- في الأصل وم: ليكونوا.