السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (110)

{ ونقلب أفئدتهم } أي : ونحوّل قلوبهم عن الحق فلا يفقهونه { و } نقلب { أبصارهم } عن الحق فلا يبصرونه فلا يؤمنون لأنّ الله تعالى إذا صرف القلوب والأبصار عن الإيمان بقيت على الكفر { كما لم يؤمنوا به } أي : بما أنزل من الآيات { أوّل مرّة } أي : التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل انشقاق القمر وغيره من المعجزات الباهرات . وقيل : معجزات موسى وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقوله تعالى : { أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل } ( القصص ، 48 ) .

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ المرّة الأولى دار الدنيا أي : لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا في الدنيا قبل مماتهم كما قال تعالى : { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه } ( الأنعام ، 28 ) .

{ ونذرهم } أي : نتركهم { في طغيانهم } أي : ضلالهم { يعمهون } أي : يتردّدون متحيرين لا نهديهم هداية المتقين .