فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَنُقَلِّبُ أَفۡـِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَنَذَرُهُمۡ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (110)

{ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم } قيل يعني يوم القيامة على لهب النار وحر الجمر ، والتقلب هو تحويل الشيء وتحريكه عن وجهه إلى وجه آخر ، وقيل في الكلام تقديم وتأخير والتقدير أنها إذا جاءت لا يؤمنون كما لم يؤمنوا ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ونذرهم .

{ كما لم يؤمنوا به } في الدنيا { أول مرة } يعني الآيات التي جاء بها موسى وغيره من الأنبياء أو جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المعجزات الباهرات .

وقال ابن عباس : يعني لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان فلا يؤمنون به كما لم يؤمنوا به أول مرة قبل مماتهم { ونذرهم } أي نمهلهم ولا نعاقبهم في الدنيا ، فعلى هذا بعض الآيات أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية كما حلنا بينهم وبين ما دعوتهم إليه أول مرة عند ظهور المعجزة .

{ في طغيانهم يعمهون } أي يتحيرون يقال عمه في طغيانه عمها من باب تعب إذا تردد متحيرا مأخوذ من قولهم أرض عمهاء إذا لم يكن فيها إمارات تدل على النجاة فهو عمه وأعمه ، قال ابن عباس : لما جحد المشركون ما أنزل الله لم يثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر .