صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

{ والصافات صفا . . . } أقسم الله تعالى بجماعات وطوائف ثلاث من خلقه ؛ ولله أن يقسم بما شاء ، تنويها بعظم شأن المقسم به . فأقسم بالصافات أنفسها في العبادة . صلاة أو جهادا أو غيرهما ، ملائكة أو أناسي أو غيرهما . فالزاجرات عن ارتكاب المعاصي بالأقوال والأفعال كائنين من كانوا . فالتاليات آيات الله إلى الناس للتعليم ونحوه كذلك . والترتيب بلقاء على سبيل الترقي في الصفات . فالأولى كمال والثانية أكمل ؛ لتعدى منفعتها . والثالثة أكمل وأكمل ؛ لتضمنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتخلي عن الرذائل ، والتحلي بالفضائل . ولا تدافع بين هذه الصفات ؛ فقد تجتمع كلها في جماعة واحدة . . . و " صفا " و " زجرا " و " ذكرا " مصادر مؤكدة ، وجواب القسم

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلصَّـٰٓفَّـٰتِ صَفّٗا} (1)

مقدمة السورة:

بيان إجمالي للسورة

هذه السورة مكية ، وفيها من ألوان التحذير والتنذير والتخويف ما فيها . وكذلك من صور التنبيه والتنديد والزجر ما يهيج الحس والوجدان ويستديم الحذر والوجل مما هو قادم ومنتظر .

والسورة مبدوءة بالقسم العظيم من الله ذي الجبروت ، بالصافات وهي الملائكة المصطفة للصلاة ، الزاجرات عن المعاصي ، على أن الله واحد لا شريك له ، وهو سبحانه رب كل شيء وخالقه وموجده .

وفي السورة تنديد بالمشركين المكذبين الذين يستسخرون من آيات الله ويتخذونها هزوا ، أولئك قد أعدَّ الله لهم سوء العذاب يوم القيامة ؛ حيث النار اللاهبة المستعرة ، وحيث الزّقوم ، ذلكم الطعام الخبيث المسموم ، طعام الآثمين الخاسرين .

وفي السورة ذكر مقتضب لبعض المرسلين ، ومن أظهرهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ؛ إذ رأى في المنام أنه يذبح ولده إسماعيل عليه السلام فاستجاب الولد الزكي البارُّ الطهور لأمر ربه ولم يتردد ، فلما تلَّه للجبين وأراد أن يذبحه فداه الله بذبْحٍ عظيم .

وفيها قصة يونس عليه السلام الذي تولى عن قومه مُغاضبا فيمم شطر البحر فركب السفينة مع طائفة من الناس فقارعهم فكان من المغلوبين في القرعة فالتقمه الحوت عقيب إلقائه في البحر .

إلى غير ذلك من الأخبار والمواعظ والقصص .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله تعالى : { وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ( 1 ) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ( 2 ) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ( 3 ) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ( 4 ) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ( 5 ) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ( 6 ) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ( 7 ) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ( 8 ) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ( 9 ) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ } .

أقسم الله بالصافات وهي الملائكة تصف أقدامها في الصلاة ، وقيل : تصف أجنحتها في الهواء تنتظر الأمر من الله و { صفًّا } مصدر مؤكد .