{ وألو استقاموا على الطريقة . . . } هو من قوله تعالى لا من قول الجن . معطوف على قوله " أنه استمع " واسم " أن " المخففة ضمير الشأن . { لأسقيناهم ماء غدقا } كثيرا غزيرا . يقال : غدقت العين – كفرح - ، كثر ماؤها فهي غدقة . والمراد أن الإنس والجن لو استقاموا على الإسلام لوسعنا عليهم الأرزاق ، ومتعناهم بالعيش الرغيد . وخص الماء الغدق بالذكر لأنه أصل المعاش والسعة .
ثم رجع إلى الكفار مكة فقال :{ وألو استقاموا على الطريقة } اختلفوا في تأويلها ، فقال قوم : لو استقاموا على طريقة الحق والإيمان والهدى فكانوا مؤمنين مطيعين ، { لأسقيناهم ماءً غدقاً } كثيراً ، قال مقاتل : وذلك بعدما رفع عنهم المطر سبع سنين . وقالوا معناه لو آمنوا لوسعنا عليهم في الدنيا وأعطيناهم مالاً كثيراً وعيشاً رغداً ، وضرب الماء الغدق مثلاً ، لأن الخير والرزق كله في المطر ، كما قال : { ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم }الآية ( المائدة- 66 ) . وقال : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء } الآية ( الأعراف-96 ) .
ولما رغب ورهب سبحانه على ألسنة الجن بما هداهم له ونور قلوبهم به ، وكانت الآية السالفة آخر ما حكى عنهم ، وكان التقدير : أوحي إلي أن القاسطين من قومي وغيرهم لو آمنوا فعل بهم من الخير{[69148]} ما فعل بمؤمني الجني حين آمنوا ، فأغناهم الله في الدنيا بحلاله عن حرامه من غير كلفة فكسا لهم كل عظم لقوه لحماً أوفر ما كان ، وأعاد لهم كل روث{[69149]} رأوه أحسن ما كان ببركة هذا النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم{[69150]} التسليم { وأن } أي وأوحي إليّ أن{[69151]} الشأن العظيم { لو استقاموا } أي{[69152]} طلب القاسطون من الخلق كلهم الجن والإنس القوم وأوجدوه ، كائنين { على الطريقة } أي{[69153]} التي لا طريقة غيرها {[69154]}وهي{[69155]} التي فهمها الجن من القرآن من {[69156]}الإسلام والإقساط{[69157]} المؤدية إلى الفلاح في الدارين .
ولما كان الماء{[69158]} أصل كل خير كما قال تعالى في قصة نوح عليه الصلاة والسلام
{ يرسل السماء عليكم مدراراً }[ نوح : 11 ] وكان منه كل شيء حيّ وكان عزيزاً عند العرب ، قال معظماً له بالالتفات{[69159]} إلى مظهر العظمة : { لأسقيناهم } أي جعلنا لهم بما عندنا من العظمة { ماء غدقاً * } أي كثيراً عظيماً عظيم النفع {[69160]}نكثر به{[69161]} الرزق ونزين به الأرض ونرغد به العيش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.