غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا} (16)

1

قوله { وأن لو استقاموا } معطوف على { إنه استمع } كما مر ومعناه أوحى إليّ أن الشأن والحديث لو استقام الجن على الطريق المثلى . وجوز جمع من المفسرين أن يعود الضمير في { استقاموا } إلى الأنس لأن الترغيب في الانتفاع بالماء الغدق إنما يليق بهم لا بالجن ، ولأن الآية روي أنها نزلت بعدما حبس الله المطر عن أهل مكة سبع سنين . وزعم القاضي أن الثقلين . يدخلون في الآية لأنه أثبت حكماً معللاً بعلة وهو الاستقامة فوجب أن يعم الحكم بعموم العلة . وأما قول من يقول إن الضمير عائد إلى الجن فله معنيان : أحدهما لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله ولم يستكبر عن السجود لآدم وتبعه ولده على الإسلام لأنعمنا عليهم . وذكر الماء الغدق وهو الكثير كناية عن طيب العيش وكثرة المنافع لأنه أصل البركات ، فتكون الآية نظير قوله { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم } [ المائدة :65 ] وثانيهما لو استقام الجن الذين استمعوا القرآن على طريقتهم التي كانوا عليها قبل الاستماع ولو ينتقلوا عنها إلى الإسلام لو سعنا عليهم الرزق في الدنيا ليذهبوا بطيباتهم في الحياة الفانية { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا }

[ الزخرف :33 ] إلى آخره . وأما الذين قالوا : الضمير عائد إلى الإنس فالوجهان جاريان فيه بعينهما . وعن أبي مسلم : إن المراد بالماء الغدق جنات تجري من تحتها الأنهار يعني في الجنة .

/خ28