الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَلَّوِ ٱسۡتَقَٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لَأَسۡقَيۡنَٰهُم مَّآءً غَدَقٗا} (16)

1

قوله : { وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ } : " أنْ " هي المخففةُ . وقد تقدَّم أنه يُكتفى ب " لو " فاصلةً بين " أَنْ " الخفيفةِ وخبرِها ، إذا كان جملةً فعلية في سورة سبأ . وقال أبو البقاء هنا : و " لو " عوضٌ كالسين وسوف . وقيل : " لو " بمعنى " إنْ " و " أنْ " بمعنى اللامِ ، وليسَتْ بلازمةٍ كقوله : { لَئِن لَّمْ تَنتَهِ } [ الشعراء : 16 ] وقال في موضعٍ آخرَ :

{ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ } [ المائدة : 73 ] ذكره ابن فَضَّال في " البرهان " . قلت : هذا شاذٌّ لا يُلتفت إليه البتَةَ ؛ لأنه خلافُ النَّحْوِيين . وقرأ العامَّةُ بكسر واو " لو " على الأًصلِ . وابن وثاب والأعمشُ بضمِّها تشبيهاً بواوِ الضمير ، وقد تقدم تحقيقُه في البقرة .

وقوله : { غَدَقاً } الغَدَقُ بفتح الدال وكسرِها : لغتان في الماءِ الغزيرِ ، ومنه الغَيْداقُ : الماءُ الكثيرُ ، وللرجلِ الكثيرِ العَدْوِ ، والكثيرِ النطقِ . ويقال : غَدِقَتْ عينُه تَغْدَقُ أي : هَطَلَ دَمْعُها غَدَقاً . وقرأ العامَّةُ " غَدقاً " بفتحتَيْن . وعاصم فيما رَوَى عنه الأعشى بفتحِ الغينِ وكَسْرِ الدالِ ، وتقدَّم أنهما لغتان .