صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

وجواب القسم قوله : { قتل أصحاب الأخدود } بتقدير اللام وقد . أي لقد قتلوا ؛ أي لعنوا أشد اللعن .

والجملة خبرية . وقيل : هي دعاء عليهم بالإبعاد والطرد من رحمة الله تعالى وجواب القسم محذوف لدلالتها عليه ؛ كأنه قيل : أقسم بهذه الأشياء إن كفار مكة لملعونون كما لعن أصحاب الأخدود . والأخدود : الخد ، وهو الشق العظيم المستطيل في الأرض كالخندق ؛ وجمعه أخاديد . وأصحاب

الأخدود : قوم كافرون ذوو بأس وشدة ، نقموا على المؤمنين إيمانهم بالله ونكلوا بهم ؛ فحفروا لهم أخدودا في الأرض ، وأسعروا النار فيه ، وألقوهم فيه لإبائهم الارتداد إلى الكفر . { النار ذات الوقود } بدل اشتمال من الأخدود ؛ أي النار فيه .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُتِلَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ} (4)

ولما كان جواب القسم على-{[72473]} ما دل عليه مقصود السورة وسوابقها ولواحقها : لنثوبن الفريقين الأولياء والأعداء ، ولندينن كلاًّ بما عمل ، دل عليه بأفعاله{[72474]} في الدنيا ببعض الجبابرة فيما مضى ، وفيما يفعل بجبابرة من كذب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بادئاً بمن عذب بعذاب الله في القيامة للبداءة في آخر الانشقاق بقسم المكذبين وهم المحدث عنهم ، معبراً بما يصلح للدعاء والحقيقة تسلية للمؤمنين وتثبيتاً لهم بما وقع لأمثالهم ، وتحذيراً مما كان لأشكالهم : { قتل } أي لعن بأيسر أمر وأسهله من كل لاعن لعناً لا فلاح معه ، ووقع في الدنيا أنه قتل حقيقة { أصحاب الأخدود * } أي الخد العظيم ، وهو الشق المستطيل في الأرض كالنهر ، روي{[72475]} أن ملكاً من الكفار - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان من حمير - من ملوك اليمن ، وكان قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة ، آمن في زمانه ناس كثير ، فخدّ لهم أخدوداً في الأرض وسجره ناراً وعرض من آمن عليه ، فمن رجع عن دينه تركه ، ومن ثبت - وهم الأغلب - قذفه في ذلك الأخدود فأحرقه .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : وردت هذه السورة في معرض الالتفات والعدول إلى إخبار نبي الله صلى الله عليه وسلم بما تضمنته هذه السورة من قصة أصحاب الأخدود ، وقد-{[72476]} تقدم هذا الضرب في سورة المجادلة وسورة النبأ ، وبينا وقوعه في أنفس السور ومتونها وهو أقرب فيما بين السورتين وأوضح - انتهى .


[72473]:زيد من م.
[72474]:من ظ و م، وفي الأصل: بأمثاله.
[72475]:راجع المعالم7/191.
[72476]:زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.