صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

{ ووجدك ضالا } غافلا عن معالم النبوة وأحكام الشريعة التي لا تهتدي إليها العقول وحدها ؛ كما قال تعالى : " ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان " {[410]} . { فهدى } فهداك إلى مناهجها في تضاعيف ما أوحى إليك من الكتاب المبين ، وعلمك ما لم تكن تعلم . أما أصل الإيمان بالله فإنه عليه الصلاة والسلام ما كفر بالله قط ! ولا أشرك به قط ! فلم يعبد وثنا . ولم يؤله صنما ، ولم يشهد لذلك رسما . وقد عصمه ربه من ذلك قبل النبوة . واهتدى إلى الإيمان بالله بفطرته ، ولم تغب عنه إلا تفاصيل شريعته ؛ حتى جاءه الحق من ربه ، فعلّمه منها ما لم يكن يعلم ، وكان فضل الله عليه عظيما .


[410]:آية 52 الشورى.
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا فَهَدَىٰ} (7)

{ ووجدك ضالا فهدى } فيه ستة أقوال :

أحدها : وجدك ضالا عن معرفة الشريعة فهداك إليها فالضلال عبارة عن التوقيف في أمر الدين حتى جاءه الحق من عند الله فهو كقوله : { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } [ الشورى : 52 ] وهذا هو الأظهر وهو الذي اختاره ابن عطية وغيره ومعناه : أنه لم يكن يعرف تفصيل الشريعة وفروعها حتى بعثه الله ولكنه ما كفر بالله ولا أشرك به لأنه كان معصوما من ذلك قبل النبوة وبعدها .

والثاني : وجدك في قوم ضلال فكأنك واحد منهم وإن لم تكن تعبد ما يعبدون وهذا قريب من الأول .

والثالث : وجدك ضالا عن الهجرة فهداك إليها ، وهذا ضعيف ، لأن السورة نزلت قبل الهجرة . الرابع : وجدك حامل الذكر لا تعرف فهدى الناس إليك وهداهم بك وهذا بعيد عن المعنى المقصود .

الخامس : أنه من الضلال عن الطريق وذلك أنه صلى الله عليه وسلم ضل في بعض شعب مكة وهو صغير فرده الله إلى جده ، وقيل : بل ضل من مرضعته حليمة فرده الله إليها ، وقيل : بل ضل في طريق الشام حين خرج إليها مع أبي طالب .

السادس : أنه بمعنى الضلال من المحبة أي : وجدك محبا لله فهداك إليه ، ومنه قول إخوة يوسف لأبيهم : { تالله إنك لفي ضلالك القديم } [ يوسف : 95 ] أي : محبتك ليوسف وبهذا كان يقول شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير .

/خ11