صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها ثمان .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والتين والزيتون . . . } أقسم الله تعالى ببقاع مباركة عظيمة ، ظهر فيها الخير والبركة بسكنى الأنبياء . فالتين والزيتون : مجاز عن منابتها بالأرض المباركة ، وفيها مهاجر إبراهيم ، ومولد عيسى ومسكنه عليه السلام . وطور سينين : الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام . والبلد الأمين : مكة المشرفة التي فيها البيت المعظم ، وفيها ولد وبعث أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم . وسنين وسيناء – ويفتح – وسينا : اسم للبقعة التي فيها الجبل . أو معناه : المبارك الحسن ؛ وإضافة " طور " إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة . ويجوز في إعرابه أن يجرى مجرى جمع المذكر السالم ، وأن يلزم الياء وتحرك النون بحركات الإعراب .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين مكية وآياتها ثمان ، نزلت بعد سورة البروج . وهي تبدأ بالقسَم بثمرتين مباركتين ، ومكانين مقدسين : جبل الطور ، ومكة المكرمة ، لما كرّمها الله تعالى بإنزال الوحي فيهما على الأنبياء . أقسم الله بذلك على أنه خلق الإنسان في أعدل صورة ، مكمّلا بالعقل والإرادة وغيرهما من صفات الكمال . وأنه إذا لم يشكر نِعَم الإله فسيردّ إلى أسفل دركات الجحيم . ثم أنحت السورة باللوم على المكذبين بعد ظهور أدلة قدرة الله أحكم الحاكمين .

التين : ثمر معروف . الزيتون : ثمر معروف .

أَقسَمَ الله بالتّينِ والزيتون لبَرَكَتِهما وعظيم منفعتهما ( فإن التينَ من الثمار المباركة ، وهو غذاء كامل . وكذلك الزيتون ، فإنه غذاء ودواء . وكان في الزمن الماضي يُستعمل للإنارة أيضاً فهو مثل البترول في هذه الأيام ، ولا يزال محتفظاً بمكانته . )

وقال بعض المفسرين : إن التِّين هو عصرُ الإنسان الأول ، والزيتون : عصرُ نوحٍ . . . وهو كلامٌ ليس عليه دليل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين

مكية وآياتها ثمان .

{ والتين والزيتون } قال ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وعطاء ابن أبي رباح ، ومقاتل ، والكلبي : هو تينكم هذا الذي تأكلونه ، وزيتونكم هذا الذي تعصرون منه الزيت . قيل : خص التين بالقسم لأنها فاكهة مخلصة لا عجم لها ، شبيهة بفواكه الجنة . والزيتون شجرة مباركة جاء بها الحديث ، وهو تمر ودهن يصلح للاصطباغ والاصطباح . وقال عكرمة : هما جبلان . قال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس ، لأنهما ينبتان التين والزيتون . وقال الضحاك : هما مسجدان بالشام . وقال ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : التين مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيليا .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

مكية في قول الأكثر . وقال ابن عباس وقتادة : هي مدنية ، وهي ثماني آيات .

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " والتين والزيتون " قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي : هو تينكم الذي تأكلون ، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت ، قال اللّه تعالى : " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين{[16177]} " [ المؤمنون : 20 ] . وقال أبو ذر : أهدي للنبي صلى اللّه عليه وسلم سلُّ تين ، فقال : [ كلوا ] وأكل منه . ثم قال : [ لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم{[16178]} ، فكلوها فإنها تقطع البواسير ، وتنفع من النقرس ] . وعن معاذ : أنه استاك بقضيب زيتون ، وقال سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : [ نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة ، يطيب الفم ، ويذهب بالحفر{[16179]} ، وهي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي ] . وروي عن ابن عباس أيضا : التين : مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . وقال الضحاك : التين : المسجد الحرام ، والزيتون المسجد الأقصى . ابن زيد : التين : مسجد دمشق ، والزيتون : مسجد بيت المقدس . قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق : والزيتون : الجبل الذي عليه بيت المقدس . وقال محمد بن كعب : التين : مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد إيلياء . وقال كعب الأخبار وقتادة أيضا وعكرمة وابن زيد : التين : دمشق ، والزيتون : بيت المقدس . وهذا اختيار الطبري . وقال الفراء : سمعت رجلا من أهل الشام يقول : التين : جبال ما بين حلوان إلى همذان ، والزيتون : جبال الشام . وقيل : هما جبلان بالشام ، يقال لهما طور زيتا وطور تينا بالسريانية سميا بذلك لأنهما ينبتانهما . وكذا روى أبو مكين عن عكرمة ، قال : التين والزيتون : جبلان بالشام . وقال النابغة :

أتَيْنَ التينَ عن عُرُضٍ{[16180]}

وهذا اسم موضع . ويجوز أن يكون ذلك على حذف مضاف ، أي ومنابت التين والزيتون . ولكن لا دليل على ذلك من ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوز خلافه . قاله النحاس .

الثانية- وأصح هذه الأقوال الأول ؛ لأنه الحقيقة ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل . وإنما أقسم اللّه بالتين ، لأنه كان ستر آدم في الجنة ؛ لقوله تعالى : " يخصفان عليهما من ورق الجنة{[16181]} " [ الأعراف : 22 ] وكان ورق التين . وقيل : أقسم به ليبين وجه المنة العظمى فيه ، فإنه جميل المنظر ، طيب المخبر ، نشر{[16182]} الرائحة ، سهل الجني ، على قدر المضغة . وقد أحسن القائل فيه :

انظر إلى التين في الغصون ضُحىً *** ممزق الجلد مائل العُنُقِ

كأنه رب نعمةٍ سلبت *** فعاد بعد الجديد في الخَلَقِ

أصغر ما في النهود أكبره *** لكن يُنَادَى عليه في الطرقِ

وقال آخر :

التين يعدل عندي كل فاكهة *** إذا انثنى مائلا في غصنه الزاهي

مُخَمَّش الوجه قد سالت حلاوته *** كأنه راكع من خشية الله

وأقسم بالزيتون لأنه مثل به إبراهيم في قوله تعالى : " يوقد من شجرة مباركة زيتونة{[16183]} " [ النور : 35 ] . وهو أكثر أُدَم أهل الشام والمغرب ؛ يصطبغون{[16184]} به ، ويستعملونه في طبيخهم ، ويستصبحون به ، ويداوي به أدواء الجوف والقروح والجراحات ، وفيه منافع كثيرة . وقال عليه السلام : [ كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة ] . وقد مضى في سورة " المؤمنون " القول فيه{[16185]} .

الثالثة- قال ابن العربي : ولامتنان البارئ سبحانه ، وتعظيم المنة في التين ، وأنه مقتات مدخر فلذلك{[16186]} قلنا بوجوب الزكاة فيه . وإنما فرّ كثير من العلماء من التصريح بوجوب الزكاة فيه ، تقية جور الولاة ، فإنهم يتحاملون في الأموال الزكاتية ، فيأخذونها مغرما ، حسب ما أنذر به الصادق صلى اللّه عليه وسلم . فكره العلماء أن يجعلوا لهم سبيلا إلى مال آخر يتشططون فيه ، ولكن ينبغي للمرء أن يخرج عن نعمة ربه ، بأداء حقه . وقد قال الشافعي لهذه العلة وغيرها : لا زكاة في الزيتون . والصحيح وجوب الزكاة فيهما{[16187]} .


[16177]:آية 20 سورة المؤمنون.
[16178]:العجم (بالتحريك): النوى.
[16179]:الحفر (بفتح الحاء وسكون الفاء وفتحها): صفرة تعلو الأسنان.
[16180]:البيت بتمامه كما في كتاب الملاحن لابن دريد وشعراء النصرانية: صهب الظلال أتين التين عن عرض *** يزجين غيما قليلا ماؤه شبما والصهب والصهبة: الحمرة. والعرض: الإعتراض، أو الجانب. ويزجين: يسقن. والشبم، البارد. والبيت في وصف سحائب لا ماء فيها. وقد نسبه المؤلف لزهير.
[16181]:آية 22 سورة الأعراف.
[16182]:كذا في الأصول، ولم نجده في معاجم اللغة.
[16183]:آية 35 سورة النور. راجع جـ 12 263.
[16184]:أي يأتدمون به.
[16185]:راجع جـ 12 ص 116.
[16186]:زيادة عن ابن العربي.
[16187]:في نسخ الأصل: "فيها".
 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين

مكية وآياتها 8 نزلت بعد البروج .

{ والتين والزيتون } فيها قولان :

الأول : أنه التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يعصر أقسم الله بهما لفضيلتها على سائر الثمار . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع أصحابه تينا فقال : " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس " . وقال صلى الله عليه وسلم : " نعم السواك الزيتون فإنه من الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي " .

القول الثاني : أنهما موضعان ، ثم اختلف فيهما فقيل : هما جبلان بالشام :

أحدهما : بدمشق ينبت فيه التين .

والآخر : بإيلياء ينبت فيه الزيتون .

فكأنه قال ومنابت التين والزيتون .

وقيل : التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس .

وقيل : التين مسجد نوح ، والزيتون مسجد إبراهيم .

والأظهر أنهما الموضعان من الشام وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى ومسكنه ، وذلك أن الله ذكر بعد هذا الطور الذي كلم عليه موسى ، والبلد الذي بعث منه محمد صلى الله عليه وسلم ، فتكون الآية نظير ما في التوراة : أن الله تعالى جاء من طور سيناء وطلع من ساعد وهو موضع عيسى وظهر من جبال باران وهي مكة ، وأقسم الله بهذه المواضع التي ذكر في التوراة لشرفها بالأنبياء المذكورين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

لما كان التين أحسن الفواكه تقويماً فيما ذكروا من فضيلته ، وهو مع كونه فاكهة شهية حلوة جداً - غذاء يقيم الصلب وقوت كالبر وسريع الهضم ، ودواء كثير النفع يولد دماً صالحاً وينفع الرئة والكلى ويلين الطبع ويحلل البلغم ويزل رمل المثانة ويفتح سدد الكبد والطحال ، فكان جامعاً لجميع منافع المتناولات من الغذاء والتفكه والتحلي والتداوي ، فهو كامل في مجموع ما هو فيه من لذة طعمه وكثرة نفعه ، وكونه كفاكهة الجنة بلا شائبة تعوق عن أكله من صنوان يتعب أو نوى يرمى ، مع أنه ينتفع به رطباً ويابساً ، وهو مع ذلك في سرعة فساده وسوء تغيره أسفلها رتبة وأردؤها مغبة ، فهو كالفطرة الأولى في مبدئه سهولة وحسناً وقبولاً لكل من الإصلاح والتغير ، كآخر الهرم عند نهايته في عظيم تغيره بحيث إنه لا ينتفع بشيء منه إذا تغير ، وغيره من الفواكه إذا فسد جانب منه بقي آخر فكان في هذا كالقسم للسافل من الإنسان أقسم الله تعالى به فقال : { والتين } بادئاً به لأن القسم المشار به إليه أكثر ، فالاهتمام به أكبر .

ولما كان الزيتون في عدم فساد يطرقه أو تغير يلحقه ، وفيه الدسومة والحرافة والمرارة ، وهو إدام ودواء مع تهيئه للنفع بكل حال في أكله بعد تزييته والتنوير بدهنه والادهان به لإزالة الشعث وتنعيم البشرة وتقوية العظم وشد العصب وغير ذلك من المنافع مع لدنه وما يتبع ذلك من فضائله الجمة كالمؤمن تلاه به فقال : { والزيتون * }