صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

{ ذات العماد } صفة لقبيلة " إرم " ؛ أي ذات الأعمدة التي ترفع عليها بيوت الشعر ؛ إذ كانوا أهل خيام وعمد ، ينتجعون الغيوث ويطلبون الكلأ حيث كان ؛ ثم يعودون إلى منازلهم . وقيل : ذات الرفعة والعزة .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

رمَ ذات العماد : إرم ذات البناء الرفيع ، كانت في الأحقاف بين عُمان وحضرموت .

أهلِ إرَمَ ذاتِ البناء الرفيع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

وهي { إِرَمَ } القبيلة المعروفة في اليمن { ذَاتِ الْعِمَادِ } أي : القوة الشديدة ، والعتو والتجبر .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بِعادٍ إرَمَ" يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تنظر يا محمد بعين قلبك ، فترى كيف فعل ربك بعاد ؟

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : "إرَمَ" ؛

فقال بعضهم : هي اسم بلدة ، ثم اختلف الذين قالوا ذلك في البلدة التي عُنِيت بذلك ؛ فقال بعضهم : عُنيت به الإسكندرية ...

وقال آخرون : هي دِمَشق ...

وقال آخرون : عُني بقوله : إرَمَ : أمة ...

وقال آخرون : معنى ذلك : القديمة ...

وقال آخرون : تلك قبيلة من عاد ... وقال آخرون إرَمَ : الهالك ...

والصواب من القول في ذلكَ : أن يُقال : إن إرم إما بلدة كانت عاد تسكنها ، فلذلك ردّت على عاد للإتباع لها ، ولم يُجر من أجل ذلك ، وإما اسم قبيلة فلم يُجر أيضا ، كما لا يُجْرى أسماء القبائل ، كتميم وبكر ، وما أشبه ذلك إذا أرادوا به القبيلة . وأما اسم عاد فلم يجر ، إذ كان اسما أعجميا .

فأما ما ذُكر عن مجاهد ، أنه قال : عُنِي بذلك القديمة ، فقول لا معنى له ، لأن ذلك لو كان معناه لكان مخفوضا بالتنوين ، وفي ترك الإجراء الدليل على أنه ليس بنعت ولا صفة .

وأشبه الأقوال فيه بالصواب عندي : أنها اسم قبيلة من عاد ، ولذلك جاءت القراءة بترك إضافة عاد إليها ، وترك إجرائها ، كما يقال : ألم تر ما فعل ربك بتميم نهشل ؟ فيترك إجراء نهشل ، وهي قبيلة ، فترك إجراؤها لذلك ، وهي في موضع خفض بالردّ على تميم ، ولو كانت إرم اسم بلدة أو اسم جدّ لعاد لجاءت القراءة بإضافة عاد إليها ، كما يقال : هذا عمرُو زبيدٍ، وحاتمُ طيئ، وأعشى هَمْدانَ ، ولكنها اسم قبيلة منها ، فيما أرى ، كما قال قتادة ، والله أعلم ، فلذلك أجمعت القرّاء فيها على ترك الإضافة ، وترك الإجراء .

وقوله : "ذاتِ الْعِمادِ" اختلف أهل التأويل في معنى قوله : "ذَاتِ الْعِمادِ" في هذا الموضع؛

فقال بعضهم : معناه : ذات الطول ، وذهبوا في ذلك إلى قول العرب للرجل الطويل : رجل مُعَمّد ، وقالوا : كانوا طوال الأجسام ...

وقال بعضهم : بل قيل لهم "ذَاتِ الْعِمادِ" لأنهم كانوا أهل عَمَد ، ينتجِعون الغيوث ، وينتقلون إلى الكلأ حيث كان ، ثم يرجعون إلى منازلهم ...

وقال آخرون : بل قيل ذلك لهم لبناء بناه بعضهم ، فشيّد عَمَده ، ورفع بناءه ... قال ابن زيد ، في قوله : "إرَمَ ذَاتِ الْعِمادِ" قال : عاد قوم هود ، بنَوها وعملوها حين كانوا في الأحقاف ، قال : "لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها" مثل تلك الأعمال في البلاد . قال : وكذلك في الأحقاف في حضرموت ، ثم كانت عاد قال : وثَمّ أحقاف الرمل كما قال الله بالأحقاف من الرمل ، رمال أمثال الجبال ، تكون مظلة مجوّفة .

وقال آخرون : قيل ذلك لهم لشّدة أبدانهم وقواهم ...

وأشبه الأقوال في ذلك بما دلّ عليه ظاهر التنزيل : قول من قال : عُنِي بذلك أنهم كانوا أهل عمود سيارة ، لأن المعروف في كلام العرب من العماد ، ما عُمد به الخيام من الخشب والسواري التي يحمل عليها البناء ، ولا يعلم بناء كان لهم بالعماد بخبر صحيح ، بل وجّه أهل التأويل قوله : "ذَاتِ الْعِمادِ" إلى أنه عُنِي به طول أجسامهم ، وبعضهم إلى أنه عُني به عماد خِيامهم ، فأما عِماد البنيان ، فلا يعلم كثير أحد من أهل التأويل وجهه إليه ، وتأويل القرآن إنما يوجه إلى الأغلب الأشهر من معانيه ، ما وُجد إلى ذلك سبيل ، دون الأنكر .

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

في ذكر نبأ عاد وثمود فوائد ثلاث :

أحدها : في موضع التخويف لأهل الذين كذبوا رسوله صلى الله عليه وسلم وهو أن أولئك القوم كانوا أكثر أموالا وأولادا وأعدادا وأكثر في القوة من هؤلاء الذين كذبوا محمدا ، عليه أفضل الصلاة والسلام ، فلم يغنهم ذلك كله من الله تعالى شيئا ، بل الله تعالى انتقم منهم لرسله عليهم السلام بما كذبوهم . فما بال هؤلاء الذين كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخافون مقته وحلول النقمة بتكذيبهم رسوله ؟ وليسوا بأكثر من أولئك في العدد والمال والقوة .

الثانية : أن أولئك كانوا يزعمون أنهم بالله تعالى أولى من أمة محمد عليه السلام وأتباعه لما بسط لهم من النعيم ، وضيق على رسول وأتباعه ، فتبين أن الذين تقدمهم من مكذبي الرسل كانوا أرفع منهم في القوى والأموال والأولاد والأعداد ، وكانت رسلهم في ضيق من العيش ، ثم كانوا هم أولى بالله تعالى من المكذبين المفتخرين بكثرة الأعداد والقوى ، فبين لهم هذا ليعلموا أن ليس الأمر على ما ظنوا ، وحسبوا .

والثالثة : أنهم كانوا يمتنعون عن الإيمان بالله تعالى وبرسله ، وكانوا يقولون : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] فيكون في ذكر هذا نفي التقليد لأولئك لأنه كان في آبائهم من أهلك بتكذيبهم الرسل ، وهم الفراعنة وأتباعهم ، وفيهم من نجا ، وهم الرسل وأتباعهم المصدقون لهم ، فما بالهم قلدوا المهلكين منهم دون الذين نجوا ؟ ثم الآية لم تسق ليعرف نسب عاد وثمود وفرعون حتى يشتغل بتعرفه ، وإنما سيقت للأوجه التي ذكرنا ؛ فالاشتغال بتعرف أنسابهم وأحوالهم نوع من التكلف .

وقوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بعاد } فقوله : { ألم تر } يحتمل وجهين : أحدهما : أي قد رأيت كما يقال في الشاهد : ألم تر إلى ما فعل فلان ، أي قد رأيت ، وعلمت ، فيخبره بصنيعه على جهة التشكي منه .

الثاني : أنه يكون هذا ابتداء إعلام منه ، فيقول له : اعلم أن ربك فعل بعاد كذا . ...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{ ذَاتِ الْعِمَادِ } لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشَّعر التي ترفع بالأعمدة الشداد ، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا ، ولهذا ذكَّرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم ، فقال : { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] } [ الأعراف : 69 ] . وقال تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } [ فصلت : 15 ]...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

ويجوز أن يكون المراد ب { العماد } الأعلام التي بنوْها في طرُقهم ليهتدي بها المسافرون المذكورةَ في قوله تعالى : { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } [ الشعراء : 128 ] . ووُصفت عاد ب { ذات العماد } لقوتها وشدتها ، أي قد أهلك الله قوماً هم أشد من القوم الذين كذبوك قال تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } [ محمد : 13 ] وقال : { أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة } [ غافر : 21 ] . ...

....

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

قوله تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك " أي مالكك وخالقك . " بعاد " قراءة العامة " بعادٍ " منونا . وقرأ الحسن وأبو العالية " بعاد إرم " مضافا . فمن لم يضف جعل " إرم " اسمه ، ولم يصرفه ؛ لأنه جعل عادا اسم أبيهم ، وإرم اسم القبيلة ، وجعله بدلا منه ، أو عطف بيان . ومن قرأه بالإضافة ولم يصرفه جعله اسم أمهم ، أو اسم بلدتهم . وتقديره : بعاد أهل إرم . كقوله : " واسأل القرية " [ يوسف : 82 ] ولم تنصرف - قبيلة كانت أو أرضا - للتعريف والتأنيث . وقراءة العامة " إرم " بكسر الهمزة . وعن الحسن أيضا " بعادَ إرَمَ " مفتوحتين ، وقرئ " بعاد إِرْمَ " بسكون الراء ، على التخفيف . كما قرئ " بورِقكم " . وقرئ " بعادٍ إرَمَ ذات العماد " بإضافة " إرم " - إلى - " ذات العماد " . والإرم : العلم . أي بعاد أهل ذات العلم . وقرئ " بعادٍ إرَمَ ذات العماد " أي جعل اللّه ذات العماد رميما . وقرأ مجاهد والضحاك وقتادة " أَرَمَ " بفتح الهمزة . قال مجاهد : من قرأ بفتح الهمزة شبههم بالآرام ، التي هي الأعلام ، واحدها : أرم . وفي الكلام تقديم وتأخير ، أي والفجر وكذا وكذا إن ربك لبالمرصاد ألم تر . أي ألم ينته علمك إلى ما فعل ربك بعاد . وهذه الرؤية رؤية القلب ، والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم ، والمراد عام . وكان أمر عاد وثمود عندهم مشهورا ؛ إذ كانوا في بلاد العرب ، وحِجر ثمود موجود اليوم . وأمر فرعون كانوا يسمعونه من جيرانهم من أهل الكتاب ، واستفاضت به الأخبار ، وبلاد فرعون متصلة بأرض العرب . وقد تقدم هذا المعنى في سورة " البروج " {[16036]} وغيرها " بعاد " أي بقوم عاد . فروى شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من حجارة ، ولو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه ، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها .

و " إرم " قيل هو سام بن نوح . قاله ابن إسحاق . وروى عطاء عن ابن عباس - وحكى عن ابن إسحاق أيضا - قال : عاد بن إرم . فإرم على هذا أبو عاد ، وعاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح . وعلى القول الأول : هو اسم جد عاد . قال ابن إسحاق : كان سام بن نوح له أولاد ، إرم بن سام ، وأرفخشذ بن سام . فمن ولد إرم بن سام العمالقة والفراعنة والجبابرة والملوك الطغاة والعصاة . وقال مجاهد : " إرم " أمة من الأمم . وعنه أيضا : أن معنى إرم : القديمة ، ورواه ابن أبي نجيح . وعن مجاهد أيضا أن معناها القوية{[16037]} . وقال قتادة : هي قبيلة من عاد . وقيل : هما عادان . فالأولى هي إرم . قال اللّه عز وجل : " وأنه أهلك عادا الأولى{[16038]} " [ النجم : 50 ] . فقيل لعقب عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح : عاد . كما يقال لبني هاشم : هاشم . ثم قيل للأولين منهم : عاد الأولى ، وإرم : تسمية لهم باسم جدهم . ولمن بعدهم : عاد الأخيرة . قال ابن الرقيات :

مَجْداً تليداً بناه أوَّلُهُمْ *** أدرك عاداً وقبلَه إِرَمَا

وقال معمر : " إرم " : إليه مجمع عاد وثمود . وكان يقال : عاد إرم ، وعاد ثمود . وكانت القبائل تنتسب إلى إرم .

" ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد " قال ابن عباس في رواية عطاء : كان الرجل منهم طوله خمسمائة ذراع ، والقصير منهم طول ثلثمائة ذراع بذراع نفسه . وروي عن ابن عباس أيضا أن طول الرجل منهم كان سبعين ذراعا . ابن العربي : وهو باطل ؛ لأن في الصحيح : [ إن اللّه خلق آدم طوله ستون ذراعا في الهواء ، فلم يزل الخلق ينقص إلى الآن ] . وزعم قتادة : أن طول الرجل منهم اثنا عشر ذراعا . قال أبو عبيدة : " ذات العماد " ذات الطول . يقال : رجل معمد إذا كان طويلا . ونحوه عن ابن عباس ومجاهد . وعن قتادة أيضا : كانوا عمادا لقومهم . يقال : فلان عميد القوم وعمودهم : أي سيدهم . وعنه أيضا : قيل لهم ذلك ، لأنهم كانوا ينتقلون بأبياتهم للانتجاع ، وكانوا أهل خيام وأعمدة ، ينتجعون الغيوث ، ويطلبون الكلأ ، ثم يرجعون إلى منازلهم . وقيل : " ذات العماد " أي ذات الأبنية المرفوعة على العمد . وكانوا ينصبون الأعمدة ، فيبنون عليها القصور . قال ابن زيد : " ذات العماد " يعني إحكام البنيان بالعمد . وفي الصحاح : والعماد : الأبنية الرفيعة ، تذكر وتؤنث . قال عمرو بن كلثوم :

ونحن إذا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ *** على الأَحْفَاضِ نمنعُ من يَلِينَا

والواحدة عمادة . وفلان طويل العماد : إذا كان منزل معلما لزائره . والأحفاض : جمع حفض - بالتحريك - وهو متاع البيت إذا هيئ ليحمل ، أي خرت على المتاع . ويروى : عن الأحفاض أي خرت عن الإبل التي تحمل خرثي{[4]} البيت . وقال الضحاك : " ذات العماد " ذات القوة والشدة ، مأخوذ من قوة الأعمدة ، دليله قوله تعالى : " وقالوا من أشد منا قوة{[5]} " [ فصلت : 15 ] . وروى عوف عن خالد الربعي " إرم ذات العماد " قال : هي دمشق . وهو قول عكرمة وسعيد المقبري . رواه ابن وهب وأشهب عن مالك . وقال محمد بن كعب القرظي : هي الإسكندرية .


[16036]:راجع جـ 19 ص 295.
[16037]:في بعض النسخ: "القرية".
[16038]:آية 50 سورة النجم.

[4]:آية 92 سورة الحج
[5]:آية 98 سورة النحل
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

فقال مبيناً لهم على حذف مضاف : { إرم } أي أهلها وعمدتها ، وأطلقها عليهم لشدة الملابسة لما لها من البناء العجيب والشأن الغريب ، ثم بينها بقوله : { ذات } أي صاحبة { العماد * } أي البناء العالي الثابت بالأعمدة التي لم يكن في هذه الدار مثلها ،