غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

1

وقيل : إرم بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها . ولم ينصرف قبيلة أو أرضاً للعلمية والتأنيث . وقيل : الإرم العلم لأنهم كانوا يبنون أعلاماً كهيئة المنارة كقوله{ أتبنون بكل ريع آية } [ الشعراء :128 ] وعلى هذين الوجهين يكون المضاف محذوفاً أي أهل البلدة أو الأعلام ، وعلى الوجه الأخير لا يكون لمنع الصرف وجه ظاهر لكونه اسم جنس . والعماد بمعنى العمود لأنه ما يعمد أو جمع عمد . ثم إن كانت صفة للقبيلة فالمعنى أنهم كانوا بدويين أهل عمد أو كانوا طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة ، أو كانت ذات البناء الرفيع . وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى أنها ذات أساطين . ثم قيل : هذه المدينة اسكندرية . وقيل : دمشق . واعترض بأن بلاد عاد كانت فيما بين عمان إلى حضرموت وهي بلاد الرمال المسماة بالأحقاف . وروي أنه كان لعاد ابنان : شدّاد وشديد ، فملكا وقهرا البلاد وأخذا عنوة وملكاً ، ثم مات شديد وخلص الأمر لشدّاد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال : أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة ، وهي مدنية عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار . ولم تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا . ويروى أنه وضع إحدى قدميه فيها فأمر ملك الموت بقبض روحه . ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ملك الموت حين عرج به إلى السماء فسأله : هل رققت لأحد من الخلائق الذين قبضت أرواحهم ؟ فقال : نعم اثنان أحدهما طفل ولد بالمفازة ثم أمرت بقبض روح أمه ولم يكن هناك إنسان يتعهد الطفل ، والثاني ملك اجتهد في بناء مدينة لم يخلق مثلها ثم لم يرزق رؤيتها بعد أن وضع رجله فيها يعني شداداً ، فدعا الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يخبره بذلك فأوحى إليه أن ذلك الملك هو ذلك الطفل الذي ربيناه وآتيناه مملكة الدنيا . وحين قابل النعمة والملك بالكفران وبنى الجنان التي هي من مقدورات الله الرحمن جزيناه بالخيبة والحرمان . هكذا وجدت الحكاية في بعض التفاسير . وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له فوقع على تلك المدينة فحمل ما قدر عليه مما هناك ، فبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه ، فبعث إلى كعب الأحبار فسأله فقال : هي إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له . ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال : هذا والله ذلك الرجل .

/خ30