الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

فإرم في قوله { بعاد إرَمَ } عطف بيان لعاد ، وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة . وقيل : { إِرَمَ } بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها ويدل عليه قراءة ابن الزبير «بعاد إرم » على الإضافة وتقديره : بعاد أهل إرم ، كقوله : { واسئل القرية } [ يوسف : 82 ] ، ولم تنصرف قبيلة كانت أو أرضاً للتعريف والتأنيث . وقرأ الحسن : «بعاد أرم » ، مفتوحتين . وقرىء «بعاد إرم » بسكون الراء على التخفيف ، كما قرىء : «بورقكم » وقرىء «بعاد إرم ذات العماد » بإضافة إرم إلى ذات العماد . والإرم : العلم ، يعني : بعاد أهل أعلام ذات العماد . و { ذَاتِ العماد } اسم المدينة وقرىء «بعاد إرمّ ذات العماد » أي جعل الله ذات العماد رميماً بدلاً من فعل ربك ؛ وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة ، فالمعنى : أنهم كانوا بدويين أهل عمد ، أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة ومنه قولهم : رجل معمد وعمدان : إذا كان طويلاً . وقيل : ذات البناء الرفيع ، وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى : أنها ذات أساطين . وروي أنه كان لعاد ابنان : شداد وشديد ؛ فملكا وقهرا ، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد ، فملك الدنيا ودانت له ملوكها ، فسمع بذكر الجنة فقال أبني مثلها ، فبني إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة ، وكان عمره تسعمائة سنة : وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة ، وأساطينها من الزبرجد والياقوت . وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ؛ ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته ؛ فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا . وعن عبد الله بن قلابة : أنه خرج في طلب إبل له ، فوقع عليها ، فحمل ما قدر عليه مما ثم ، وبلغ خبره معاوية فاستحضره ، فقص عليه ، فبعث إلى كعب فسأله فقال : هي إرم ذات العماد ، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال ، يخرج في طلب إبل له ؛ ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال : هذا والله ذلك الرجل .