السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ} (7)

{ إرم } وهو ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام ، ثم إنهم جعلوا لفظ عاد اسماً للقبيلة كما يقال لبني هاشم : هاشم ، ولبني تميم : تميم ، ثم قيل : للأوّلين منهم عاد الأولى ، وإرم تسمية لهم باسم جدهم ولمن بعدهم عاد الأخيرة .

فإرم في قوله تعالى : { عاد إرم } عطف بيان لعاد وإيذان بأنهم عاد الأولى القديمة وقيل : إرم بلدتهم وأرضهم التي كانوا فيها . وقوله تعالى : { ذات } ، أي : صاحبة { العماد } فينظر فيه إن كانت صفة للقبيلة فالمعنى : أنهم كانوا بدويين أهل عمد وطوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة . وقيل : ذات البناء الرفيع وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى : أنها ذات أساطين وروي أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال : أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة ، وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت ، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء فهلكوا . وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثم وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال : هي إرم ذات العماد ، وسيدخلها جل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ، ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال : هذا والله ذلك الرجل .