{ أو من ينشأ في الحلية . . . } أي أيجترئون ويجعلون لله من شأنه وطبيعته أن يتربى في الزينة والنعمة ، ويستكمل بهما ، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال ، ومنازلة الأقوياء كان غير مبين ؛ أي ليس عنده بيان ، ولا يأتي ببرهان . " وينشأ " أي يربى ويشب . يقال : نشأ في بني فلان نشأ ونشوءا ، إذا شب فيهم . ونشئ وأنشئ بمعنى .
ومنها : أن الأنثى ناقصة في وصفها ، وفي منطقها وبيانها ، ولهذا قال تعالى : { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } أي : يجمل فيها ، لنقص جماله ، فيجمل بأمر خارج عنه ؟ { وَهُوَ فِي الْخِصَامِ } أي : عند الخصام الموجب لإظهار ما عند الشخص من الكلام ، { غَيْرُ مُبِينٍ } أي : غير مبين لحجته ، ولا مفصح عما احتوى عليه ضميره ، فكيف ينسبونهن للّه تعالى ؟
الأولى- قوله تعالى : " أومن ينشأ " أي يربى ويشب . والنشوء : التربية ، يقال : نشأت في بني فلان نشأ ونشوءا إذا شببت فيهم . ونشئ وأنشئ بمعنى . وقرأ ابن عباس والضحاك وابن وثاب وحفص وحمزة والكسائي وخلف " ينشأ " بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين ، أي يربى ويكبر في الحلية . واختاره أبو عبيد ؛ لأن الإسناد أيها أعلى . وقرأ الباقون " ينشأ " بفتح الياء وإسكان النون ، واختاره أبو حاتم ، أي يرسخ وينبت ، وأصله من نشأ أي ارتفع ، قاله الهروي . ف " ينشأ " متعد ، و " ينشأ " لازم .
الثانية- قوله تعالى : " في الحلية " أي في الزينة . قال ابن عباس وغيره : هن الجواري زيهن غير زي الرجال . قال مجاهد : رخص للنساء في الذهب والحرير ، وقرأ هذه الآية . قال الكيا : فيه دلالة على إباحة الحلي للنساء ، والإجماع منعقد عليه والأخبار فيه لا تحصى .
قلت : روي عن أبي هريرة أنه كان يقول لابنته : يا بنية ، إياك والتحلي بالذهب ! فإني أخاف عليك اللهب .
قوله تعالى : " وهو في الخصام غير مبين " أي في المجادلة والإدلاء بالحجة . قال قتادة : ما تكلمت امرأة ولها حجة إلا جعلتها على نفسها . وفي مصحف عبد الله " وهو في الكلام غير مبين " . ومعنى الآية : أيضاف إلى الله من هذا وصفه ! أي لا يجوز ذلك . وقيل : المنشأ في الحلية أصنامهم التي صاغوها من ذهب وفضة وحلوها ، قاله ابن زيد والضحاك . ويكون معنى " وهو في الخصام غير مبين " على هذا القول : أي ساكت عن الجواب . و " من " في محل نصب ، أي اتخذوا لله من ينشأ في الحلية . ويجوز أن يكون رفعا على الابتداء والخبر مضمر ، قاله الفراء . وتقديره : أو من كان على هذه الحالة يستحق العبادة . وإن شئت قلت خفض ردا إلى أول الكلام وهو قوله : " بما ضرب " أو على " ما " في قوله : " مما يخلق بنات " . وكون البدل في هذين الموضعين ضعيف لكون ألف الاستفهام حائلة بين البدل والمبدل منه .
{ أو من ينشئوا في الحلية } المراد : بمن ينشأ في الحلية النساء والحلية هي الحلى من الذهب والفضة وشبه ذلك ومعنى : ينشأ فيها يكبر وينبت في استعمالها وقرئ ينشأ بضم الياء وتشديد الشين بمعنى : يربي فيها والمقصد : الرد على الذين قالوا الملائكة بنات الله كأنه قال : أجعلتم لله من ينشأ في الحلية وذلك صفة النقص ثم أتبعها بصفة نقص أخرى وهي قوله : { وهو في الخصام غير مبين } يعني : أن الأنثى إذا خاصمت أو تكلمت لم تقدر أن تبين حجتها لنقص عقلها وقل ما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني فكيف ينسب لله من يتصف بهذه النقائص وإعراب ينشأ مفعول بفعل مضمر تقديره : أجعلتم لله من ينشأ أو مبتدأ وخبره محذوف تقديره : أو من ينشأ في الحلية خصصتم به الله .
ولما كان الملك لا يأخذ في جنده إلا من يصلح للجندية بالمجالدة والمجادلة أو بإحداهما ، نبه على إنكار آخر بأن الإناث لا يصلحن لشيء من هذين الوصفين ، فقال معبداً لإنكار الثالث تنبيهاً على أنه بالغ جداً في إثارة الغضب : { أو من } أي اتخذ من لا يرضونه لأنفسهم .
. . لنفسه مع أنفتهم منه واتخذ من { ينشؤا } أي على ما جرت به عوائدكم على قراءة الجماعة ، ومن تنشؤونه وتحلونه بجهدكم على قراءة ضم الباء وتشديد الشين { في الحلية } أي في الزينة فيكون كلا على أبيه لا يصلح لحرب ولا معالجة طعن ولا ضرب { وهو } أي والحال أنه ، وقدم لإفادة الاهتمام قوله : { في الخصام } إذا احتيج إليه { غير مبين } أي لا يحصل منه إبانة مطلقة كاملة لما يريده لنقصان العقل وضعف الرأي بتدافع الحظوظ والشهوات وتمكن السعة ، فلا دفاع عنده بيد ولا لسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.