الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِي ٱلۡحِلۡيَةِ وَهُوَ فِي ٱلۡخِصَامِ غَيۡرُ مُبِينٖ} (18)

قوله : { أَوَمَن يُنَشَّأُ } : يجوزُ في " مَنْ " وجهان ، أحدهما : أَنْ يكونَ في محلِّ نصبٍ مفعولاً بفعلٍ مقدر أي : أو يجعلون مَنْ يُنَشَّأُ في الحِلْية . والثاني : أنه مبتدأ وخبرُه محذوفٌ ، تقديره : أو من يُنَشَّأ جزءٌ أو ولدٌ ؛ إذ جعلوه لله جزءاً . وقرأ العامَّةُ " يَنْشَأ " بفتح الياء وسكون النون مِنْ نَشَأَ في كذا يَنْشأ فيه . والأخوان وحفص بضم الياء وفتحِ النون وتشديدِ الشينِ مبنياً للمفعولِ أي : يُرَبَّى . وقرأ الجحدريُّ كذلك ، إلاَّ أنَّه خَفَّف الشينَ ، أَخَذَه مِنْ أنشأه . والحسن " يُناشَأُ " ك يُقاتَل مبنياً للمفعول . والمفاعَلَةُ تأتي بمعنى الإِفعال كالمُعالاة بمعنى الإِعلاء .

قوله : { وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } الجملةُ حال . و " في الخصام " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ يَدُلُّ عليه ما بعده . تقديره : وهو لا يَبين في الخصام . ويجوز أَنْ يتعلَّق ب " مُبين " وجاز للمضافِ إليه أن يعملَ فيما قبل المضافِ ؛ لأن " غيرَ " بمعنى " لا " . وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في آخر الفاتحة وما أنشدْتُه عليه وما في المسألةِ من الخلاف .