الآية 18 وقوله تعالى : { أوَمَن يُنشّأ في الحِلية وهو في الخصام غير مبين } اختُلف فيه : قال بعضهم : هي الأصنام التي عبدوها : حلّوها ، وزيّنوها بأنواع الزينة والحليّ ، والله أعلم . ولو حُلّي بالحَلي ، وزُيّن بالزينة ، وهو لا يملك نفعا لا ضرّا ولا تكلّما ولا خصومة ولا شيئا من ذلك ، ولا يُلتفت إليه ، ولا يُكترث له ، لولا تلك الحَلْيُ والزينة التي بها في جعل العبادة له كمن منه خلق ما ذكر من السماوات والأرض وما فيهما من المنافع ، أي ليس هذا بسواء .
لذلك يذكر سفههم في اختيارهم الأصنام التي هذا وصفها في العبادة على عبادة الله تعالى الذي منه كل شيء . يُصبّر رسوله صلى الله عليه وسلم على أذاهم وتكذيبهم إياه وسوء معاملتهم معه ، والله أعلم .
وقال بعضهم : قوله : { أومن يُنشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين } هي الإناث . يقول ، والله أعلم : إن الأنثى ضعيف قليل الحيلة ، وهي عند الخصومة والمجاوزة غير بيّن ، يصف عجزهن وضعفهن ونقصانهنّ .
يقول ، والله أعلم : كيف نسبوا إلى الله عز وجل ما هو أضعف وأعجز في ما ذكر ، وقد اتقوا هم منها ، واختاروا لأنفسهم ما هو أكمل وأقوى ، وهم الذكور ؟ وهو صلة قوله عز وجل : { أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين } إلى آخر ما ذكر وكل حرف مما تقدّم ذكره من قوله : { وجعلوا له من عباده جزءا } ونحو ذلك .
ثم قوله تعالى : { أومن ينشّأ في الحلية } يحتمل أن يرجع إلى معنى آخر غير المعنى في ما ذكر من الآيات ، وكل حرف من هذه الحروف يرجع إلى فريق غير الفريق الآخر لأنهم كانوا في المذاهب مختلفين متفرّقين ، وجائز أن يرجع الكل إلى معنى واحد ، والله أعلم .
وفي هذه الآيات ما ذكرنا من الوجوه من تصبير رسول الله صلى الله عليه وسلم على أذى القوم ومن بيان سفه أولئك ومن التحذير مما تأخّر منهم{[18897]} ، والله أعلم .
وقال القتبيّ : { أومن يُنشّأ في الحلية } أي يُرى في الحَلْي ، وهي البنات ، يريد جعلهم بنات الله تعالى ، وهم إذا كان لأحدهم بنت { ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم } [ النحل : 58 ] أي حزين . والخصام جمع خصيم { غير مبين } أي غير مبين الحجّة .
وقال أبو عوسجة : { أو من يُنشّأ في الحلية } أي يُنشأ كما يقال : نشأ الصبي ينشأ ، أي يشِبّ ، ويرتع ، والخصام المخاصمة .
وقال أبو معاذ : { أو من يُنشّأ في الحلية } والله أعلم : نبت ، ويقرأ : { يُنشّأ } بالتشديد ، ويُنشأ بالتخفيف ، وهما لغتان ، وقرأ بعضهم : ينشأ{[18898]} في الحلية ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.