إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِي ٱلۡحِلۡيَةِ وَهُوَ فِي ٱلۡخِصَامِ غَيۡرُ مُبِينٖ} (18)

{ أَوْ مِن يُنَشأُ فِي الحلية } تكريرٌ للإنكارِ ، وتثنية للتوبيخِ . ومَنْ منصوبةٌ بمضمرِ معطوفٍ على جعلُوا أي أو جعلُوا مَنْ شأنُهُ أنْ يُربَّى في الزينةِ وهُو عاجزٌ عنْ أنْ يتولَّى أمره بنفسهِ ، فالهمزةُ لإنكارِ الواقعِ واستقباحِه ، وقد جُوِّزَ انتصابُها بمضمرٍ معطوفٍ على اتخذَ فالهمزةُ حينئذٍ لإنكارِ الوقوعِ واستبعادِه ، وإقحامُها بين المعطوفينِ لتذكيرِ ما في أمِ المنقطعةِ من الإنكارِ وتأكيدهِ . والعطفُ للتغايرِ العُنوانِي أيْ أوَ اتخذَ من هذهِ الصفةِ الذميمةِ صفتَهُ { وَهُوَ } مع ما ذُكِرَ من القصورِ { فِي الخصام } أي الجدالِ الذي لا يكادُ يخلُو عنه الإنسانُ في العادةِ { غَيْرُ مُبِينٍ } غيرُ قادرٍ على تقريرِ دعواهُ وإقامةِ حُجَّتِه لنقصانِ عقلِه وضعفِ رأيه . وإضافةُ غيرُ لا تمنعُ عملَ ما بعدَهُ في الجارِّ المتقدمِ لأنَّه بمعْنى النَّفي . وقُرِئ ينُشأُ ، ويُنَاشَأُ من الإفعالِ والمفاعلةِ والكلُّ بمَعْنى واحدٍ ، ونظيرُه غَلاهُ وأغلاهُ وغالاهُ .