فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَمَن يُنَشَّؤُاْ فِي ٱلۡحِلۡيَةِ وَهُوَ فِي ٱلۡخِصَامِ غَيۡرُ مُبِينٖ} (18)

ثم زاد في توبيخهم وتقريعهم فقال : { أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ( 18 ) }

{ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ } النشوء التربية والحلية الزينة و { من } عبارة عن الأنثى أي يجعلون لله الأنثى التي تتربى في الزينة لنقصها إذا لو كملت في نفسها لما تكملت بالزينة قرأ الجمهور ينشأ بفتح الياء وإسكان النون وقرأ ابن عباس والضحاك وحفص بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين ، واختار القراءة الأولى أبو حاتم واختار الثانية أبو عبيدة ، وقال الهروي : الفعل على القراءة الأولى لازم ، وعلى الثانية متعد ، والمعنى يربي ويكبر في الحلية .

{ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ } أي عاجز عن أن يقوم بأمر نفسه وإذا خوصم لا يقدر على إقامة حجته وتقرير دعواه ، ودفع ما يجادله به خصمه لنقصان عقله ، وضعف رأيه ، وإضافة { غير } لا يمنع عمل ما بعدها في الجار المتقدم عليها . لأنها بمعنى النفي قال المبرد : تقدير الآية ويجعلون له من ينبت في الزينة ، وإذا احتاج على مجاثاة الخصوم ومجاراة الرجال كان غير مبين ليس عنده بيان ولا يأتي ببرهان .

وفيه أنه جعل النشأة في الزينة من المعايب فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويتزين بلباس التقوى . قال قتادة : فلما تتكلم امرأة بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها ، وقال ابن زيد والضحاك : الذي ينشأ في الحلية أصنامهم التي صاغوها من ذهب وفضة ، قال ابن عباس في الآية هو النساء فرق بين زيهن وزي الرجال ونقصهن من الميراث ومن الشهادة ، وأمرهن بالقعدة وسماهن الخوالف .