صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

{ وترى الملائكة حافين من حول العرش } محدقين محيطين بالعرش ، مصطفين بحافته وجوانبه . جمع حاف وهو المحدق بالشيء . يقال : حففت بالشيء ، إذا أحطت به ؛ مأخوذ من الحفاف وهو الجانب . والله أعلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

{ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ } أيها الرائي ذلك اليوم العظيم { حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } أي : قد قاموا في خدمة ربهم ، واجتمعوا حول عرشه ، خاضعين لجلاله ، معترفين بكماله ، مستغرقين بجماله . { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } أي : ينزهونه عن كل ما لا يليق بجلاله ، مما نسب إليه المشركون وما لم ينسبوا .

{ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي : بين الأولين والآخرين من الخلق { بِالْحَقِّ } الذي لا اشتباه فيه ولا إنكار ، ممن عليه الحق . { وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } لم يذكر القائل من هو ، ليدل ذلك على أن جميع الخلق نطقوا بحمد ربهم وحكمته على ما قضى به على أهل الجنة وأهل النار ، حمد فضل وإحسان ، وحمد عدل وحكمة .

تم تفسير سورة الزمر بحمد اللّه وعونه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

قوله تعالى : { وترى الملائكة حافين من حول العرش } أي : محدقين محيطين بالعرش مطيفين بحوافيه أي : بجوانبه { يسبحون بحمد ربهم } قيل : هذا تسبيح تلذذ لا تسبيح تعبد ، لأن التكليف متروك في ذلك اليوم { وقضي بينهم بالحق } أي : قضي بين أهل الجنة والنار بالعدل { وقيل الحمد لله رب العالمين } يقول أهل الجنة : شكراً حين تم وعد الله لهم .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

{ وترى الملائكة حافين من حول العرش } محيطين به { وقضي بينهم } أي حكم بين أهل الجنة والنار { وقيل الحمد لله رب العالمين }

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

ولما ذكر سبحانه الذين ركب فيهم الشهوات ، وما وصلوا إليه من المقامات ، أتبعهم أهل الكرامات الذين لا شاغل لهم عن العبادات ، فقال صارفاً الخطاب لعلو الخبر إلى أعلى الخلق أنه لا يقوم بحق هذه الرؤية غيره : { وترى } معبراً بأخص من الإبصار الأخص من النظر كما بين في البقرة في قوله تعالى{ وإن القوة لله جميعاً }[ البقرة : 165 ] { الملائكة } القائمين بجميع ما عليهم من الحقوق { حافين } أي محدقين ومستديرين وطائفين في جموع لا يحصيها إلا الله . من الخف وهو الجمع ، والحفة وهو جماعة الناس ، والأعداد الكثيرة ، وهو جمع حاف ، وهو الواحد من الجماعة المحدقة .

ولما كان عظيم الشيء من عظم صاحبه ، وكان لا يحيط بعظمة العرش حق الإحاطة إلا الله تعالى ، أشار إلى ذلك بإدخال الجاز فقال : { من حول العرش } أي الموضع الذي يدار فيه به ويحاط به منه ، من الحول وهو الإحاطة والانعطاف والإدارة . محدقين ببعض أحفته أي جوانبه التي يمكن الحفوف بها بالقرب منها يسمع لحفوفهم صوت بالتسبيح والتحميد والتقديس والاهتزاز خوفاً من ربهم ، فإدخال { من } يفهم أنهم مع كثرتهم إلى حد لا يحصيه إلا الله ، لا يملؤون ما حوله ، حال كونهم { يسبحون بحمد } وصرف القول إلى وصف الإحسان مدحاً لهم بالتشمير لشكر المنعم وتدريباً لغيرهم فقال : { ربهم } أي يبالغون في التنزيه عن النقص بأن يتوهم متوهم أنه محتاج إلى عرش أو غيره ، وأن يحويه مكان متلبسين بإثبات الكمال للمحسن إليهم بإلزامهم بالعبادة من غير شاغل يشغلهم ، ولا منازع من شهوة أو حظ يغفلهم ، تلذذاً بذكره وتشرفاً بتقديسه ، ولأن حقه إظهار تعظميه على الدوام كما أنه متصل الإنعام .

ولما تقدم ذكر الحكم بين أهل الشهوات بما برز عليهم من الشهادات ، ذكر هنا الحكم بينهم وبين الملائكة الذين فاضوا في أصل خلقهم بقولهم { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } الآية فقال : { وقضى بينهم } أي بين أهل الشهوات وأهل العصمة والثبات . ولما كان السياق عاماً في الترغيب والترهيب عدلاً وفضلاً ، بخلاف سياق سورة يونس عليه السلام ، قال : { بالحق } بأن طوبق بما أنزلنا فيهم في الكتب التي وضعناها لحسابهم الواقع ، فمن طغى منهم أسكناه لظى بعدلنا ، ومن اتقى نعمناه في جنة المأوى بفضلنا ، لجهادهم ما فيهم من الشهوات حتى ثبتوا على الطاعات ، مع ما ينزعهم من الطبائع إلى الجهالات ، وأما الملائكة فأبقيناهم على حالهم في العبادات : { وقيل } أي من كل قائل : آخر الأمور كلها { الحمد } أي الإحاطة بجميع أوصاف الكمال ، وعدل بالقول إلى ما هو حق بهذا المقام فقال : { لله } ذي الجلال والإكرام ، علمنا ذلك في هذا اليوم عمل اليقين كما كنا في الدنيا نعلمه علم اليقين .

ولما كان ذلك اليوم أحق الأيام بمعرفة شمول الربوبية لاجتماع الخلائق وانفتاح البصائر وسعة الضمائر ، قال واصفاً له سبحانه بأقرب الصفات إلى الاسم الأعظم : { رب العالمين * } أي الذي ابتدأهم ، أولاً من العدم وأقامهم ثانياً بما رباهم به من التدبير ، وأعادهم ثالثاً بعد إفنائهم بأكمل قضاء وتقدير ، وأبقاهم رابعاً لا إلى خير ، فقد حقق وعده كما أنزل في كتابه وصدق وعيده لأعدائه كما قال في كتابه ، فتحقق أنه تنزيله ، فقد ختم الأمر بإثبات الكمال باسم الحمد عند دخول الجنان والنيران كما ابتدأ به عند ابتداء الخلق في أول الإنعام ، فله الإحاطة بالكمال في أن الأمر كما قال كتابه على كل حال ، فقد انطبق آخرها على أولها بأن الكتاب تنزيله لمطابقة كل ما فيه للواقع عندما يأتي تأويله ، وبأن الكتاب الحامل على التقوى المسببة للجنة أنزل للإبقاء الأول ، فمن أتبعه كان له سبباً للإبقاء الثاني ، وهذا الآخر هو عين أول سورة غافر فسبحان من أنزله معجزاً نظامه ، فائتاً القوى أول كل شيء منه وختامه ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وأهل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين .

ختام السورة:

فقد انطبق آخرها على أولها بأن الكتاب تنزيله لمطابقة كل ما فيه للواقع عندما يأتي تأويله ، وبأن الكتاب الحامل على التقوى المسببة للجنة أنزل للإبقاء الأول ، فمن أتبعه كان له سبباً للإبقاء الثاني ، وهذا الآخر هو عين أول سورة غافر فسبحان من أنزله معجزاً نظامه ، فائتاً القوى أول كل شيء منه وختامه ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وأهل بيته الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين .