الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَتَرَى ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةَ حَآفِّينَ مِنۡ حَوۡلِ ٱلۡعَرۡشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡۚ وَقُضِيَ بَيۡنَهُم بِٱلۡحَقِّۚ وَقِيلَ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (75)

وقوله تعالى : { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } قَالَتْ فرقَةٌ معناه : أَنَّ تَسْبِيحَهُمْ يتأتى بِحَمْدِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ ، وقالَتْ فرقةٌ : تسبيحُهُمْ هُوَ بتردِيدِ حَمْدِ اللَّهِ ، وتَكْرَارِهِ ، قال الثعلبيُّ : مُتَلَذِّذِينَ لاَ مُتَعَبِّدِينَ مُكَلَّفِينَ .

وقوله تعالى : { وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين } خَتْمٌ للأمرِ ، وقولٌ جَزْمٌ عِنْدَ فصلِ القَضَاءِ ، أي : أن هذا المَلِكَ الحَاكِمَ العادلَ ينبغي أن يُحْمَدَ عِنْدَ نفوذِ حكمه وإكمال قضائِهِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَمِنْ هذه الآيةِ جُعِلَتْ { الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } خَاتمةَ المجالِسِ والمُجْتَمَعَاتِ في الْعِلْمِ ، قال قَتَادَةُ : فَتَحَ اللَّهُ أَوَّلَ الخَلَقِ بالحمدِ ، فقال : { الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السماوات والأرض } [ الأنعام : 1 ] وخَتَمَ القيامَةَ بالحَمْدِ في هذه الآية .

قال ( ع ) : وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ { الحمد للَّهِ رب العالمين } فَاتِحَةَ كتابهِ ؛ فَبِه يُبْدَأ كلُّ أمْرٍ وَبِه يُخْتَمُ ، وحَمْدُ اللَّهِ تعالى وتقديسُهُ ينبغي أن يكونَ مِن المؤمنِ ؛ كما قيل : [ الطويل ]

وَآخِرُ شَيْءٍ أَنْتَ في كُلِّ ضَجْعَةٍ *** وَأَوَّلُ شَيْءٍ أَنْتَ عِنْدَ هُبُوب