قوله : { وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش } حَافّين جمع حَافِّ : وهو المحدق بالشيء من حَفَفْتُ بالشيء إذا أحَطْتَ{[47809]} به ، قال :
4312- يَحُفُّهُ جَانِبَا نيقٍ وَيُتْبِعُهُ . . . مِثْلَ الزّجَاجَةِ لَمْ تَكْحَلْ مِنَ الرَّمَدِ{[47810]}
وهو مأخوذ من الحِفَاف وهو الجانب قال :
4313- لَهُ لَحَظَاتٌ عَنْ حَفَافَيْ سَرِيرِهِ . . . إِذَا كَرَّهَا فِيهَا عِقَابٌ وَنَائِلُ{[47811]}
وقال الفراء- وتبعه الزمخشري{[47812]}- ولا واحِدَ لحافّين وكأنهما{[47813]} رأيا أن الواحد لا يكون «حَافًّا » إذ الحفوف هو الإحداق بالشيء والإحاطة به وهذا لا يتحقق إلا في جمع{[47814]} .
لما ذكر صفة ( الثواب ) ثواب البشر ذكر عقيبه ثواب الملائكة فكما دارُ ثواب المتقين هو الجنة فكذلك دارُ ثواب الملائكة جوانب العرش فقال : { حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ العرش } أي محدقين محيطين بالعرش بحفافيه أي جوانبه ، قال الليث حَفَّ القَوْمُ بسَيِّدِهِمْ يَحُفُّونَ حَفًّا إِذَا طافوا به{[47815]} .
قوله : { مِنْ حَوْلِ } في «من » وجهان :
أحدهما : وهو قول الأخفش : أنها مزيدة{[47816]} .
والثاني : أنها للابتداء{[47817]} .
وقوله { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } «يسبحون » حال من الضمير في «حافين »{[47818]} ، قيل هذا تسبيح تلذذ لا تسبيح تعبد ، لأن التكليف يزول{[47819]} في ذلك اليوم . وهذا يشعر بأن ثوابهم هو عَين ذلك التسبيح{[47820]} .
قوله : { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق } هذا الضمير إما للملائكة ، وإما للعباد ( ة ){[47821]} وَقِيلَ : قضى بين أهل الجنة والنار بالعدل . { وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين } . وقيل : إن الملائكة لما قضي بينهم ( بالحق ){[47822]} قالوا : الحمد لله رب العالمين على قضائه بيننا بالحق .
روى أبو أمامة عن أبيّ بن كعب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وشرف وكرم وبجل{[1]} ومجد وعظم ){[2]} : «مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الزُّمَر لَمْ يَقْطَعِ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَأعْطَاهُ ثَوَابَ الخَائِفينَ »{[3]} . وعن عائشة - رضي الله عنها- قالت : «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ كُلَّ ليلة بني إِسْرَائِيلَ والزُّمَر »{[4]} . رواهما الثعلبي في تفسيره . والله ( تعالى ){[5]} أعلم .
( تم الجزء الثاني{[6]} عشر بحمد الله وعونه وحسن توفيقه . ويتلوه إن شاء الله أول سورة غافر ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.