صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (33)

{ بل مكر الليل والنهار } بل صدنا مكركم بنا في الليل والنهار ؛ وأضيف المكر إليهما لوقوعه فيهما . والمكر في الأصل : الاحتيال والخديعة . يقال : مكر به يمكر ؛ فهو ماكر ومكار .

{ ونجعل له أندادا } أشباها ونظراء وأمثالا نعبدها من دونه تعالى . جمع ند . { وأسروا الندامة }

أي أخفوا الندم على ما كان منهم في الدنيا من الضلال والإضلال بالنسبة للمستكبربن ، ومن الضلال فقط بالنسبة للمستضعفين لما عاينوا وهالتهم شدته . أو أظهر الندم عندئذ وأسر من الأضداد ، تأتي بمعنى الإخفاء والإبداء ، وهمزتها تصلح للإثبات والسلب ؛ فمعنى أسره : جعله سرا أو أزال سره ، ونظيره : أشكيت . { وجعلنا الأغلال } أي القيود{ في أعناق } المستكبرين والمستضعفين{ الذين كفروا } جزاء ما كانوا يعملون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (33)

{ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا } أي : بل الذي دهانا منكم ، ووصل إلينا من إضلالكم ، ما دبرتموه من المكر ، في الليل والنهار ، إذ تُحَسِّنون لنا الكفر ، وتدعوننا إليه ، وتقولون : إنه الحق ، وتقدحون في الحق وتهجنونه ، وتزعمون أنه الباطل ، فما زال مكركم بنا ، وكيدكم إيانا ، حتى أغويتمونا وفتنتمونا .

فلم تفد تلك المراجعة بينهم شيئا إلا تبري بعضهم من بعض ، والندامة العظيمة ، ولهذا قال : { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } أي : زال عنهم ذلك الاحتجاج الذي احتج به بعضهم على بعض لينجو من العذاب ، وعلم أنه ظالم مستحق له ، فندم كل منهم غاية الندم ، وتمنى أن لو كان على الحق ، [ وأنه ] ترك الباطل الذي أوصله إلى هذا العذاب ، سرا في أنفسهم ، لخوفهم من الفضيحة في إقرارهم على أنفسهم . وفي بعض مواقف القيامة ، وعند دخولهم النار ، يظهرون ذلك الندم جهرا .

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } الآيات .

{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ }

{ وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } يغلون كما يغل المسجون الذي سيهان في سجنه كما قال تعالى { إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } الآيات .

{ هَلْ يُجْزَوْنَ } في هذا العذاب والنكال ، وتلك الأغلال الثقال { إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } من الكفر والفسوق والعصيان .