الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (33)

ثم قال تعالى : { وقال الذين استضعفوا } أي : في الدنيا للذين استكبروا فيها عليهم .

{ بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا } أي : بل مكركم بالليل والنهار صدنا عن الهدى إذ تأمروننا أن نكفر بالله .

{ ونجعل له أندادا } أي : أمثالا وأشباها في العبادة والألوهية .

وأضيف المكر إلى الليل والنهار على الإتساع ، لأن المعنى معروف لا يشكل كما يقولون : نهارك صائم وليلك قائم .

وقال ابن جبير : معناه بل مر الليل والنهار فغفلوا{[55981]} .

وقال الأخفش : رفعه على معنى بل هذا مكر الليل{[55982]} .

ثم قالل تعالى : { وأسروا الندامة لما رأوا العذاب } أي : أظهروها وقيل : المعنى : تبينت الندامة في أسرار وجوههم لأن الندامة إنما هي في القلوب فلا تظهر إنما تظهر بما تولد عنها{[55983]} .

والمعنى : ندموا على ما فرطوا فه من طاعة الله في الدنيا حين عاينوا عذاب الله الذي أعده لهم .

وقال قتادة : وأسروا الندامة بينهم لما رأوا العذاب{[55984]} .

ثم قال : { وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } أي : أغللنا أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم جزاء بما كانوا في الدنيا يكفرون بالله .

قال الحسن : إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب ، ولكن إذا طفى بهم اللهب ترسبهم في النار .


[55981]:انظر: جامع البيان 22/98 والجامع للقرطبي 14/303
[55982]:انظر: معاني الأخفش 2/663 وإعراب النحاس 3/349 والجامع للقرطبي 14/302 وفتح القدير 4/328
[55983]:انظر: الجامع للقرطبي 14/304
[55984]:انظر: جامع البيان 22/98