غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسۡتُضۡعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسۡتَكۡبَرُواْ بَلۡ مَكۡرُ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ إِذۡ تَأۡمُرُونَنَآ أَن نَّكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجۡعَلَ لَهُۥٓ أَندَادٗاۚ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ وَجَعَلۡنَا ٱلۡأَغۡلَٰلَ فِيٓ أَعۡنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۖ هَلۡ يُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (33)

22

ثم عطف قولاً آخر للمستضعفين على قولهم الأول . والإضافة في { مكر الليل والنهار } من باب الاتساع بإجراء الظرف مجرى المفعول به وأصل الكلام : بل مكرهم في الليل والنهار . أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الإسناد المجازي ، فالأول اتساع لفظي ، والثاني معنوي . أبطلوا إضرابهم بإضرابهم قائلين : ما كان الإجرام من جهتنا بل من جهة مكركم لنا مستمراً دائماً دائباً ليلاً ونهاراً . وقدم الليل لأنه أخفى للمكر والويل . وقرئ { مكرّ الليل } بالتشديد أي سبب ذلك أنكم تكرّون الإغواء مكراً دائباً . والمعنى : ما أنتم بالصارف القطعي والمانع القويّ ولكن انضم إلى ذلك طول المدة فصار قولكم جزء السبب . وفي قوله { أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً } إشارة إلى أن الشرك وإن كان مثبتاً لله في الظاهر ولكنه نافٍ له على الحقيقة لأنه جعل مساوياً للصنم . ويجوز أن يكون كل منهما قول طائفة فبعضهم كانوا مأمورين بجحد الصانع وبعضهم بالإشراك به . وتفسير قوله { واسروا الندامة لما رأوا العذاب } مذكور في سورة يونس . والضمير يعود إلى جنس الظالمين الشامل للمستضعفين وللمستكبرين . وقوله { في أعناق الذين كفروا } أي في أعناقهم من وضع الظاهر موضع الضمير للدلالة على ما استحقوا به الأغلال وهي محمولة على الظاهر وإن جاز أن يراد بها العلائق . وفي قوله { هل يجزون } إشارة إلى أنهم استحقوها عدلاً .

/خ54