قوله : { بَلْ مَكْرُ الْلَّيْلِ } : يجوز رفعُه مِنْ ثلاثةِ أوجه ، أحدها : الفاعليةُ تقديره : بل صَدَّنا مَكْرُكُمْ في هذين الوقتين . الثاني : أَنْ يكونَ مبتدأً خبرُه محذوفٌ ، أي : مَكْرُ الليلِ صَدَّنا . الثالث : العكسُ أي : سببُ كفرِنا مَكْرُكم . وإضافةُ المَكْرِ إلى الليلِ والنهار : إمَّا على الإِسنادِ المجازيِّ كقولهم : ليلٌ ماكرٌ ، فيكونُ مصدراً مضافاً لمرفوعِه ، وإمَّا على الاتساعِ في الظرف فجُعِل كالمفعولِ به ، فيكونُ مضافاً لمنصوبِه . وهذان أحسنُ مِنْ قول مَنْ قال : إنَّ الإِضافةَ بمعنى " في " أي : في الليل ؛ لأنَّ ذلك لم يَثْبُتْ في غيرِ مَحَلِّ النِّزاع .
وقرأ العامَّةُ " مَكْرُ " خفيفَ الراءِ ساكنَ الكاف مضافاً لِما بعده . وابن يعمر وقتادةُ بتنوين " مكرٌ " وانتصابِ الليل والنهار ظرفَيْن . وقرأ أيضاً وسعيد بن جبير وأبو رُزَيْن بفتحِ الكافِ وتشديدِ الراء مضافاً لِما بعده . أي : كُرورُ الليل والنهار واختلافُهما ، مِنْ كَرَّ يَكُرُّ ، إذا جاء وذهب . وقرأ ابن جُبير أيضاً وطلحة وراشد القارئ - وهو الذي كان يصحِّحُ المصاحفَ أيامَ الحَجَّاج بأمرِه - كذلك إلاَّ أنه بنصبِ الراء . وفيها أوجهٌ ، أظهرُها : ما قاله الزمخشري ، وهو الانتصابُ على المصدرِ قال : " بل تَكُرُّون الإِغواءَ مَكَرَّاً دائماً لا تَفْتَرُون عنه " . الثاني : النصبُ على الظرفِ بإضمارِ فِعْلٍ أي : بل صَدَدْتُمونا مَكَرَّ الليلِ والنهارِ أي : دائماً . الثالث : أنه منصوبٌ بتَأْمُرُوننا ، قاله أبو الفَضل الرازي ، وهو غلطٌ ؛ لأنَّ ما بعد المضافِ لا يَعْمل فيما قبلَه إلاَّ في مسألةٍ واحدةٍ : وهي " غير " إذا كانَتْ بمعنى " لا " كقوله :
3748 إنَّ أمْرَأً خَصَّني عَمْداً مَوَدَّتَه *** على التَّنائي لَعِندي غيرُ مَكْفورِ
وتقريرُ هذا تقدَّمَ أواخرَ الفاتحة .
وجاء قولُه : { قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ } بغيرِ عاطفٍ ؛ لأنَّه جوابٌ لقولِ الضَّعَفَةِ ، فاسْتُؤْنِفَ ، بخلافِ قولِه : { وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ } فإنه لَمَّا لم يكنْ جواباً عُطِف . والضميرُ في " وأَسَرُّوا الندامةَ " للجميع : للأتباع والمتبوعين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.