تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوۡمِهِمۡ فَجَآءُوهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَٱنتَقَمۡنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (47)

الآية 47 وقوله تعالى : { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا } في هذه الآية تصبير رسول الله صلى الله عليه وسلم على أذى الكفرة حين( {[16107]} ) قال : { ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات } وفيه أيضا بشارة للمؤمنين ونذارة لأولئك الكفرة .

أما النذارة لهم [ فهي ]( {[16108]} ) بقوله : { فانتقمنا من الذين أجرموا } أخبر أن أولئك لما كذبوا الرسل ، وعاملوهم بما تعاملون أنتم يا أهل مكة رسول الله انتقمنا( {[16109]} ) منهم جزاء معاملتهم . فعلى ذلك ينتقم منكم كما انتقم من أولئك .

وأما البشارة [ فهي ]( {[16110]} ) للمؤمنين بقوله : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } أخبر أن عاقبة الأمور تكون للمؤمنين .

وفيه أن الرسل الذين كانوا من قبل ؛ كانوا من البشر . فكيف تنكرون رسالة محمد ، إذ كان من البشر ؟

وفيه أنه قد أتى قومه بالبينات كما أتى أولئك الرسل قومهم بالبينات .

وقوله تعالى : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } هو يخرّج على وجهين :

أحدهما : أي كان حقا علينا جعل العاقبة للمؤمنين لا أن يكون عليه حقا نصر المؤمنين في الدنيا ، ولكن جعل العاقبة للمؤمنين حقا كقوله : { والعاقبة للمتقين } [ الأعراف : 128 ] .

والثاني : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } بالحجج التي أعطاهم ، أي كان حقا إعطاء الحجج لهم ، والنصر والمعونة بالحجج ، أي إعطاء الحجج لهم .

وقال بعضهم : نصره إياهم أنه أنجاهم مع الرسول ، وأهلك أولئك ، والله أعلم .


[16107]:في الأصل وم: حيث.
[16108]:ساقطة من الأصل وم.
[16109]:في الأصل وم: فانتقمنا.
[16110]:ساقطة من الأصل وم.