ثم قال تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } ، أي : ما عظموه حق عظمته .
قال ابن عباس : هم الكفار الذين لم يؤمنوا بقدرة الله عز وجل عليهم ، ومن آمن أن الله على كل شيء قدير فقد قدر الله حق قدره ، ومن لم يؤمن بذلك لم يقدر الله {[59193]} حق قدره {[59194]} .
قال أبو عبيدة : معناه : ما عرفوا الله حق معرفته {[59195]} .
وقيل التقدير : ما قدروا نعم الله حق قدر نعمه .
وأكثر المفسرين على أن المعنى : ما عظّموه حق عظمته ، وما وصفوه حق صفته : إذ عبدوا غيره معه ، فهو خالق جميع الأشياء ومالكها ، والأرض جميعا كلها قبضته يوم القيامة {[59196]} .
( قال ابن عباس وغيره : الأرض والسماوات جميعا في يمينه يوم القيامة ) {[59197]} .
قال ابن عباس {[59198]} ما السماوات السبع والأرضون {[59199]} السبع في يد الله جل ذكره إلا كخردلة في يد أحدكم {[59200]} .
قال الحسن : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة {[59201]} ، قال : كأنها جوزة {[59202]} بقضها وقضيضها {[59203]} {[59204]} .
قال الضحاك : السماوات والأرض مطويات بيمينه جميعا {[59205]} .
وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر يخطب :
" يأخذ الله عز وجل السماوات والأرض السبع فيجعلها في كفيه ، ثم يقول بهما كما يقول الغلام بالكرة : أنا الله ، أنا الواحد ، أنا العزيز " حتى لقد رأيت المنبر وإنه ليكاد يسقط به {[59206]} .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يهوديا جاء ، فقال : يا محمد ، إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع ، والجبال على إصبع الخلائق على إصبع ثم يقول : أنا الله . فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده ، ثم قال : " { وما قدروا الله حق قدره } . قال : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا {[59207]} .
وروي أن رهطا من اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا {[59208]} : يا محمد : هذا الله خلق الخلق ، فمن خلقه ؟ ! .
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه ، ثم شاورهم عضبا لربه عز وجل فجاءه جبريل صلى الله عليه وسلم يسكنه . وجاءه من الله تعالى جواب ما سألوه عنه ، فقال : يقول الله : { قل هو الله أحد } {[59209]} السورة فلما تلا عليهم النبي عليه السلام ، قالوا : صف لنا ربك ، كيف هو خلقه ، وكيف هو عضده ، وكيف ذراعه ؟ فغضب النبي صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول ثم شاورهم {[59210]} . فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم {[59211]} فقال مثل مقالته ، وأتاه {[59212]} بجواب ما سألوه عنه : { وما قدروا الله حق قدره } – إلى – { يشركون } {[59213]} .
وقيل : معنى { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } ، أي : يملكها ، لا مدعي لملكها {[59214]} ذلك اليوم غيره ، كما تقول : هذا في قبضتي .
وقال المبرد : بيمينه : بقوته {[59215]} . وهذا {[59216]} القول هو {[59217]} قول علماء أهل السنة .
وذكر ابن وهب أن ناسا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، هاتان القبضتان ، فأخبرنا عن سائر العظمة .
قال : " فكروا في خلق ممن {[59218]} خلق الله عز وجل : إسرافيل {[59219]} ، رجلاه في التخوم السابعة ، والعرش على جمجمته . ما بين قدميه إلى ركبته مسيرة خمسين ألف سنة . وما بين عاتقه إلى رأسه مسيرة خمسين ألف سنة " {[59220]} .
ويروى أن إسرافيل {[59221]} مؤذن أهل السماء ، يؤذن لاثني عشرة ساعة من النهار ولاثنتي {[59222]} عشرة ساعة من الليل ، لكل ساعة تأذين يسمع تأذينه من في السماوات السبع ، ومن في الرضين السبع إلا الثقلان {[59223]} : الجن والإنس . ثم يتقدم بهم {[59224]} عظيم الملائكة فيصلي بهم . /
وذكر أن ميكائيل {[59225]} يوم الملائكة في البيت المعمور . هذا كله من حديث ابن وهب عن الليث عن رجاله .
وروى ابن عباس عن عائشة رضي الله عنها أنها {[59226]} سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } قالت له : فأين الناس يومئذ ؟ قال : " على الصراط " {[59227]} .
وقال أبو أيوب الأنصاري {[59228]} : أتى النبي صلى الله عليه وسلم حَبْرٌ من أحبار {[59229]} اليهود فقال : " أرأيت إذ يقول الله عز وجل في كتابه : " { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه } فأين الخلق عند ذلك ؟ قال : " هم {[59230]} كرقم في الكتاب " {[59231]} .
وروى أبو الجوزاء عن ابن عباس أنه قال : إن السماوات السبع والأرضين السبع وما بينهما في يد الله تبارك وتعالى كخردلة {[59232]} في يد أحدكم {[59233]} .
قال أبو محمد مؤلفة ( رحمه الله ) {[59234]} : ويجب على أهل الدين والفضل والفهم {[59235]} أن يجروا هذه الأحاديث التي فيها ذكر اليد والإصبع ونحوه على ما أتت ، وألا يعتقد في ذلك جارحة ( ولا تشبيه ، فليس كمثل ربنا ) {[59236]} شيء . ومن توهم في ذلك جارحة فقد شبه الله سبحانه وعدل عن الحق .
ثم قال : { سبحانه وتعالى عما يشركون } ، أي : تنزيها له وتبرية من السوء والشرك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.