الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكۡفَرُ بِهَا وَيُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُواْ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦٓ إِنَّكُمۡ إِذٗا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (140)

قوله : ( وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ ) الآية [ 140 ] .

المعنى قد أخبرتم أيها المنافقون في القرآن ( أَنِ اِذَا سَمِعْتُمُ ءَايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا( {[13845]} ) مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي( {[13846]} ) حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) .

فاتخذتموهم أولياء ( إِنَّكُمُ إِذاً مِّثْلُهُمُ( {[13847]} ) )( {[13848]} ) كفار ، إذا جالستموهم على تلك الحال ، لأن من لم يجتنبهم ، فهو( {[13849]} ) راض بفعلهم ، فالرضا( {[13850]} ) بالكفر كفر .

وهذه الآية تدل على اجتناب أهل المعاصي إذ ظهر منهم منكر ، ومجانبة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة( {[13851]} ) والقدرية( {[13852]} ) وغيرهم إذا خاضوا في فسقهم .

وروى إبراهيم التيمي( {[13853]} ) عن أبي وائل قال : إن الرجل ليتكلم( {[13854]} ) بالكلمة في المجلس من الكذب ليضحك بها جلساؤه فيسخط الله عليهم( {[13855]} ) .

وقال إبراهيم النخعي : إذ سمع هذا عن أبي وائل ، صدق أبو وائل ، أو( {[13856]} ) ليس ذلك في كتاب الله عز وجل ( أَنِ اِذَا سَمِعْتُمُ ءَايَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمُ إِذاً مِّثْلُهُمُ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) أي : يجمعهم بموالاة بعضهم بعضاً فكلهم كافر( {[13857]} ) .


[13845]:- انظر: إعراب النحاس 1/462.
[13846]:- (أ): فلا تعتدوا وهو تحريف.
[13847]:- ساقط من (أ).
[13848]:- انظر: المصدر السابق.
[13849]:- (أ): فهم.
[13850]:- ففرضى.
[13851]:- المبتدعة من اعتقد شيئاً مخالفاً فيه اعتقاد أهل السنة، ويطلق عليهم أهل الأهواء والزيغ، انظر: الملل للشهرستاني 2/19، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة: "يا عائشة إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً هم أصحاب البدع وأهل الأهواء. انظر: المعجم الصغير للطبراني 1/203 والقاموس الفقهي 32.
[13852]:- القدرية أو الجبرية هي فرقة ترمي إلى نفي الفعل حقيقة عن العبد وإضافته إلى الرب. انظر: الملل للشهرستاني 2/85. ومذاهب الاسلاميين 1/98.
[13853]:- هو أبو إسحاق إبراهيم التميمي أو التيمي توفي 238 هـ ثقة محله اصدق حسن الحديث، كان صاحب سنة وتفسير. انظر: تاريخ الثقات: 52، وتاريخ أسماء الثقات: 59، ولسان الميزان 1/58.
[13854]:- (د): لا يتكلم.
[13855]:- انظر: جامع البيان 5/330.
[13856]:- (أ): وليس.
[13857]:- انظر: جامع البيان 5/38 والدر المنثور 2/717.