فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَقَدۡ نَزَّلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أَنۡ إِذَا سَمِعۡتُمۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ يُكۡفَرُ بِهَا وَيُسۡتَهۡزَأُ بِهَا فَلَا تَقۡعُدُواْ مَعَهُمۡ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيۡرِهِۦٓ إِنَّكُمۡ إِذٗا مِّثۡلُهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ جَامِعُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡكَٰفِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} (140)

{ وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم } سبق نزول هذه الآية ما أوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة من قول مولانا عز ثناؤه : ( وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين . وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) ( {[1574]} ) ؛ وإلى هذا أشير في هذه الآيات من سورة النساء وهي مدنية : { وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم . . } الآية ، فهاتان الآيتان من سورة الأنعام هما اللتان أنزلتا في هذا الشأن قبل الهجرة ، يقول ابن حيان ما حاصله : نسخ قوله : { إنكم إذا مثلهم } لقوله : ( وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون ) ؛ فكأن المعنى : أنزل عليكم في القرآن أنكم إذا سمعتم الكفر والاستهزاء بالآيات لا تقعدوا مع المستهزئين الكافرين حتى يخوضوا في حديث غير حديث الكفر والاستهزاء ، فمن فعل ذلك ولم ينته وقعد مع المستهزئ فهو مثله ؛ قيل : والمماثلة ليست في جميع الصفات ؛ { إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا } المستعلن بكفره والمضمر له يصليان نار السعير خالدين مخلدين فيها أبدا .


[1574]:سورة الأنعام. الآيتان:69،68.