الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحٞ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَٰفِرِينَ نَصِيبٞ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَيۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا} (141)

قوله : ( الذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ ) الآية [ 141 ] .

في قراءة أبي : ومنعناكم( {[13858]} ) في موضع : نمنعكم .

وأجاز الفراء( {[13859]} ) : ونمنعكم بالنصب على الصرف( {[13860]} ) .

ومعنى الآية : أنها صفة للمنافقين لأنهم كانوا يتربصون بالمؤمنين ، فإن كان فتح من الله جل وعز للمؤمنين ، قالوا للمؤمنين : ألم نمنعكم في جهادكم ، فطلبوا الفيء من الغنيمة ( وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ ) ظفر على المؤمنين قالوا للكافرين ( أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ) أي : نغلب عليكم حتى قهرتم المؤمنين ( وَنَمْنَعَكُم ) من المؤمنين ، أي : كنا عيوناً لكم نأتيكم بالأخبار في السر ، ونخذل المؤمنين حتى غلبتموهم ( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أي : بين المؤمنين والمنافقين ( وَلَنْ يَّجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُومِنِينَ سَبِيلاً ) أي : حجة يوم القيامة( {[13861]} ) .

وهذا وعد من الله جل ذكره( {[13862]} ) للمؤمنين يكون في القيامة فأما في الدنيا فقد يغْلِبون ويُغلَبون ، ودل على ذلك قوله ( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .

وقيل : معناه : لا يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً يوم القيامة في قتلهم لهم ، وسبيهم لذراريهم ، ذلك مباح للمؤمنين في الدنيا ، ولا درك عليهم في ذلك في الآخرة .

وقال ابن جريج : معنى : ( أَلْمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ) ألم يتبين لكم أنا معكم( {[13863]} ) .

وأصل الاستحواذ الغلبة والاستيلاء( {[13864]} ) .


[13858]:- وتقديرها محمول على معنى: أما استحوذنا عليكم منعناكم ويجوز أن يكون على حذف قد، انظر: معاني الفراء 1/292، وإعراب النحاس 1/492، والبحر 3/375.
[13859]:- انظر: معاني الفراء 1/292.
[13860]:- يعني بالصرف: الصرف عن التشريك لما بعدها في إعراب الذي قبلها، وليس النصب على الصرف من اصطلاح البصريين. انظر: البحر 3/375.
[13861]:- انظر: جامع البيان 5/331.
[13862]:- (ج) (د): عليه السلام.
[13863]:- انظر: جامع البيان 5/333.
[13864]:- انظر: مجاز القرآن 1/141، تفسير الغريب 136.