الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَۖ ثُمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الأنعام{[1]}

( قال أبو محمد ){[2]} : روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن ){[3]} سورة الأنعام نزلت ومعها موكب{[4]} من الملائكة ، سد{[5]} ما بين الخافقين ، لهم زَجَل{[6]} بالتسبيح ، والأرض لهم ترتج{[7]} ، ورسول الله يقول : " سبحان ربي{[8]} العظيم " ثلاث مرات{[9]} .

قال ابن عباس : نزلت بمكة جملةً ، ومعها سبعون ألف ملك حولها{[10]} بالتسبيح{[11]} . وعن ابن عباس : نزلت ليلاً بمكة ، وحولها سبعون ألف ملك ( يجأرون ){[12]} حولها بالتسبيح{[13]} .

قوله : { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض } الآية [ 1 ] .

المعنى : الحمد الخالص الكامل لله . ومُخرج الكلام مخرج{[19075]} الخبر ، ومعناه الأمر ، أي : أخلصوا الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض ، وهي من أعظم الآيات ، وأضاف إلى ذلك – من آياته{[19076]} – إظلام الليل وضياء النهار{[19077]} .

قال قتادة : ( خلق السماوات قبل الأرض ، والظلمة قبل النور ، والجنة قبل النار ){[19078]} .

ومعنى : { وجعل } هنا ، خلق{[19079]} ، وإذا كانت بمعنى ( خلق ) ، لم تتعد{[19080]} ( إلا ){[19081]} إلى مفعول واحد{[19082]} .

وقوله : { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } الآية [ 2 ] .

{ ثم } : لغير مُهلَة ، لأن الله قد قضى{[19083]} الآجال كلها قبل خلق كل / شيء ، وإنما { ثم } لإتيان خبر بعد خبر ، لا لترتيب{[19084]} زمان بعد زمان{[19085]} .

ومعناه : أن الله يعجب خلقه من هؤلاء الذين يجعلون لله عديلا{[19086]} ومثيلا{[19087]} ومساويا ، وهو خلق السماوات والأرض والظلمات والنور ، ومن جعلوه عديلا لا يقدر على شيء من ذلك ولا من غيره ، فذلك عجب من فاعله{[19088]} .

وقيل : إنها{[19089]} نزلت في ( المانية ){[19090]} الذين يعبدون النور والظلمة{[19091]} يقولون{[19092]} : الخير من النور ، والشر من الظلمة{[19093]} ، فعدلوا بالله خلقه ، وعبدوا المخلوقات{[19094]} .

( و ){[19095]} ذكر ( عن ) عبد الله بن أبي رباح{[19096]} أنه قال : فاتحة التوراة ، فاتحة الأنعام : { الحمد لله } إلى { يعدلون } قال : وخاتمة التوراة خاتمة هود { وما ربك بغافل عما تعملون }{[19097]} .

قال مجاهد : { يعدلون } : يشركون{[19098]} .

وهذه الآية نزلت في أهل الكتاب عند جماعة من المفسرين{[19099]} . وقال أكثرهم : ( عني ){[19100]} بها المشركون{[19101]} من عبدة{[19102]} الأوثان وسائر أصنافهم{[19103]} .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[3]:أ: إذ.
[4]:أ: الاولى والثانية والثالثة.
[5]:ساقط من أ.
[6]:م: هذه الأشياء وسخرها.
[7]:م، ث: فكيف.
[8]:ساقط من أ.
[9]:أ: قال.
[10]:ساقط من أ.
[11]:في تنوير المقياس 509: "بقوتها وشدتها تقوم بحملها ولا يقوم غيرها".
[12]:أ: قال.
[13]:أ: للقطع.
[19075]:ب: فخرج.
[19076]:د: آيته.
[19077]:انظر: تفسير الطبري 11/249.
[19078]:تفسير الطبري 11/249، قال في المحرر 6/2: (وليس كذلك...والذي يَنُبَنِي من مجموع أي: القرآن أن الله تعالى خلق الأرض ولَم يدْحُها، ثم استوى إلى السماء فَخَلَقها، ثم دحا الأرض بعد ذلك).
[19079]:انظر: مجاز أبي عبيدة 1/185، وانظر: معاني الزجاج 2/227.
[19080]:ب: تتعدى.
[19081]:ساقطة من ب.
[19082]:انظر: إعراب النحاس 1/535، وإعراب ابن الأنباري 1/313.
[19083]:ب: لضى.
[19084]:ب د: للترتيب.
[19085]:انظر: تفسير البحر 4/69.
[19086]:مطموسة في أ.
[19087]:مخرومة في أ. ج د: مثلا.
[19088]:انظر: تفسير الطبري 11/251، 253.
[19089]:د: أيضا.
[19090]:مخرومة في أ. ب: المناوية. ج: المنانية. د: العنانية. والمانية – أو المانوية، أو الماننية -: أصحاب (ماني بن فاتك) الراهب المجوسي بحران، أحدث دينا بين المجوسية والنصرانية، قال بنبوة عيسى وعدم نبوة موسى. قتله (بهرام) بعد مناظرة (الموبذ) له. انظر: الفصل 1/91، والمحرر 6/3، والملل 2/49.
[19091]:ب: الظلمات.
[19092]:ب ج د: يقول.
[19093]:ب: الظلمات.
[19094]:انظر: المحرر 6/3، و4، والملل 2/49.
[19095]:ساقطة من ب ج د.
[19096]:في تفسير الطبري 11/252: عبد الله بن رباح. ولم أجد ما ذكره مكي. وهو أبو خالد عبد الله ابن رباح الأنصاري المدني، ثقة، سكن البصرة، قتله الأزارقة. انظر: التقريب 1/414، وطبقات ابن خياط 200.
[19097]:انظر: تفسير الطبري 11/252، وفيه أن عبد الله بن رباح رواه عن كعب.
[19098]:انظر: تفسيره 319، وتفسير الطبري 11/253.
[19099]:هو قول ابن أبزي في تفسير الطبري 11/253.
[19100]:الظاهر من الطمس في (أ): أنها تعنى.
[19101]:مخرومة في أ.
[19102]:د: عبادة.
[19103]:هو قول قتادة والسدي وابن زيد في تفسير الطبري 11/254.