الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَطَّعۡنَٰهُمُ ٱثۡنَتَيۡ عَشۡرَةَ أَسۡبَاطًا أُمَمٗاۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ إِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰهُ قَوۡمُهُۥٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنۢبَجَسَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَيۡنٗاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٖ مَّشۡرَبَهُمۡۚ وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلۡغَمَٰمَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (160)

ثم قال تعالى : { وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما }[ 160 ] .

ف " أسباط " بدل من : { اثنتي عشرة } و{ أمما } نعت ل " الأسباط " {[25677]} .

و " الأسباط " : الفرق{[25678]} .

وقيل : هم القرن [ الذي{[25679]} ] يجيء بعد قرن{[25680]} .

و " الأسباط " في ولد إسحاق ، ( عليه السلام{[25681]} ) ، بمنزلة القبائل في ولد إسماعيل{[25682]} .

و " الأسباط " : مأخوذ من : السبط " {[25683]} ، وهو شيء تعتلفه الإبل ، فكأن إسحاق ( عليه السلام ){[25684]} ، / بمنزلة شجرة ، والأولاد{[25685]} بمنزلة أغصانها ، فشبه ذلك ب " السبط " {[25686]} .

وإنما أنث في { اثنتي } ؛ لأن " الأسباط " في موضع الفرقة ؛ فكأنه : اثنتي عشرة فرقة{[25687]} .

وقيل المعنى : وقطعناهم فرقا اثنتي عشرة أسباطا{[25688]} .

وقال بعض الكوفيين : إنما أُنث ؛ لأن الكلام ذهب ( به ){[25689]} إلى " الأمم " ، فغلب التأنيث ، كما قال{[25690]} :

وإن كلابا{[25691]} هذه عشر أبطن *** وأنت بريء من قبائلها العشر{[25692]}

فأنث ذهب ب " البطن " إلى القبيلة{[25693]} .

وقال بعضهم{[25694]} : إنما أنث لذكر " الأمم " {[25695]} بعد ذلك{[25696]} .

وقيل المعنى : وقطعناهم قطعا اثنتي عشرة ، فأنث لتأنيث " القطعة " ، ودل على ذلك : " قطعنا " {[25697]} .

و " أسباط " ليس بتفسير{[25698]} للعدد ؛ لأن حق هذا أن يفسر بواحد ؛ وإنما هو بدل{[25699]} .

ثم قال : { وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه }[ 160 ] .

أي : لما فرقناهم اثنتي عشرة أسباطا ، أوحينا{[25700]} إليه إذا عطشوا{[25701]} ، { أن اضرب بعصاك الحجر }[ 160 ] ، وقد تقدم ذكر ذلك في البقرة{[25702]} .

{ فانبجست }[ 160 ] .

أي : انفجرت{[25703]} .

{ قد علم كل أناس مشربهم }[ 160 ] .

أي : لا يدخل سبط على سبط في شربه{[25704]} .

{ وضللنا عليهم الغمام }[ 160 ] .

يعني : من حر الشمس ، وذلك في التيه ، وقد تقدم ذكر هذا في البقرة{[25705]} .


[25677]:مشكل إعراب القرآن 1/303، ومعاني القرآن للزجاج 2/383، وإعراب القرآن للنحاس 2/156، والبيان في غريب إعراب القرآن 1/376.
[25678]:البحر المحيط 4/405.
[25679]:زيادة من "ج" و"ر" ومصدر التوثيق أسفله.
[25680]:معاني القرآن للزجاج 2/373.
[25681]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25682]:معاني القرآن للزجاج 2/383، باختصار.
[25683]:السبط، محركة: الرطب من النصي، ونباته كالدخن، مرعى جيد، والشجرة لها أغصان كثيرة، وأصلها واحد. القاموس/سبط. وينظر: الاشتقاق لابن دريد 132، و: 162 و: 240.
[25684]:ما بين الهلالين ساقط من "ج" و"ر".
[25685]:في "ر": فالأولاد.
[25686]:معاني القرآن للزجاج 2/383، بتصرف.
[25687]:مشكل إعراب القرآن 1/303، ومعاني القرآن للأخفش 1/339. وينظر: جامع البيان 13/174، ومعاني القرآن للزجاج 2/382، وإعراب النحاس 2/156.
[25688]:جامع البيان 13/174، باختصار.
[25689]:ما بين الهلالين ساقط من "ج".
[25690]:النواح الكلابي.
[25691]:في "ر": وإن كلاتا، وهو تحريف ليس بشيء.
[25692]:في هامش تحقيق هارون، 3/565: "هجا رجلا ادعى نسبه في بني كلاب، فذكر له أن بطونهم عشرة ولا نسب له معلوم في أحدهم. والشاهد فيه: "تأنيث الأبطن وحذف الهاء من العدد قبلها، حملا للبطن على معنى القبيلة، بقرينة ذكر القبائل". وتنظر: مصادر الشاهد في معظم الشواهد العربية 1/174.
[25693]:جامع البيان 13/175، بتصرف يسير.
[25694]:هو الفراء في معاني القرآن 1/397. ونص عبارته" فقال: {اثنتي عشرة}، و"السبط" ذكر؛ لأن بعده "أمم"، فذهب التأنيث إلى الأمم. ولو كان "اثني عشر" لتذكير "السبط" كان جائزا".
[25695]:تحرفت "الأمم" في الأصل إلى: الإمام.
[25696]:جامع البيان 13/175، باختصار.
[25697]:وهو الاختيار عند الطبري في جامع البيان 13/175، بتصرف في بعض ألفاظه.
[25698]:التفسير هنا: التمييز.
[25699]:جامع البيان 13/175، بتصرف. وقد سلف الحديث عن هذه المعلومة قريبا. وقال الرازي في مختار الصحاح/سبط: "...، وليس الأسباط بتفسير، وإنما هو بدل من {اثنتي عشرة}، لأن التفسير لا يكون إلا واحدا منكرا، كقولك: اثني عشر درهما، ولا يجوز دراهم".
[25700]:في "ج": وأوحينا.
[25701]:في "ج": إذ عطشوا.
[25702]:انظر: تفسيره لقوله تعالى: {اضرب بعصاك الحجر}، البقرة 59.
[25703]:تفسير مشكل الغريب 76، ومجاز القرآن 1/230، وغريب ابن قتيبة 173، وغريب أبي حيان 72. وانظر: مفردات الراغب108.
[25704]:جامع البيان 13/177.
[25705]:انظر: تفسيره للآية:56، من سورة البقرة.