ثم قال تعالى : { فخلف من بعدهم خلف }[ 169 ] .
أي : حدث من بعدهم خلف سوء ، يعني : أبناءهم{[25873]} .
و " الخَلْفُ " {[25874]} : الرديء من القول ، ومن الأبناء{[25875]} ، يقال{[25876]} للواحد والاثنين والجميع{[25877]} ، بلفظ واحد{[25878]} .
ويقال في المدح : " هذا خلف صِدق " ، بتحريك اللام ، ولزم{[25879]} تسكن اللام فيه ، هذا{[25880]} الأشهر .
وقد تحرك في الذم وتسكن في المدح{[25881]} ، قال حسان :
. . . . . . . . {[25882]}وخلفنا *** لأولنا في طاعة الله تابع{[25883]}
والخلف السوء ، مأخوذ من قولهم : " خلف اللبن " ، إذ حمض حتى فسد ، ومن قولهم : " خَلَفُ فم الصائم " ، إذا تغير ريحه{[25884]} .
وقال{[25885]} مجاهد : " الخلف " في الآية يراد به النصارى{[25886]} بعد اليهود .
{ ياخذون عرض هذا الادنى }[ 169 ] .
يعني : الرشوة على الحكم في قول الجميع{[25887]} .
{ ويقولون سيغفر لنا }[ 169 ] .
أحدهما : أنه مغفور ، لا نؤاخذ به .
والثاني : أنه ذنب ، لكن الله قد يغفره لنا ، تأميلا{[25888]} منهم لرحمته{[25889]} .
وهو ما عنَّ{[25890]} لهم من عرض الدنيا حلالا كان أو حراما ، يأخذونه ويتمنون المغفرة ، { ويقولون سيغفر لنا } ، وإن وجدوا بعده مثله ، أخذوه ، فهم مصرون على أخذه ، وإنما يتمنى المغفرة من أقلع عن الذنب ، فلم{[25891]} يعد إليه ، ولا نوى الرجوع إلى مثله .
قال ابن جبير : يعملون بالذنب ثم يستغفرون منه ، فإن عرض{[25892]} لهم ذنب ركِبوه{[25893]} .
و " العرض " {[25894]} عنده : الذنوب{[25895]} .
قال السدي : كان{[25896]} بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيا إلا ارتشي في الحكم ، فيقال{[25897]} له في ذلك ، فيقول : { سيغفر لنا } ، فيطعن عليه بقية بني إسرائيل . فإذا مات جعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه ، فيرتشي ، أيضا ، ثم لا يثوبون{[25898]} .
قال ابن زيد : يأتيهم المحق برشوة ، فيخرجون له كتاب الله ، ثم يحكمون له بالرشوة / فإذا جاءهم الظالم بالرشوة ، أخرجوا له الكتاب الذي كتبوا بأيديهم ، وقالوا : { هذا[ من عند الله ]{[25899]} ليشتروا به ثمنا قليلا }{[25900]} ، وهو عرض الدنيا ، هو الرُّشَى{[25901]} في الحكم ، فيحكمون له بما في الكتاب ، فهو [ في كتابهم{[25902]} ، محق ، وهو في التوراة ظالم ، فقال الله ( عز وجل{[25903]} ) : { ألم{[25904]} يوخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه{[25905]} }[ 169 ] .
المعنى : ألم يؤخذ عليهم الميثاق ، ألا يعملوا{[25906]} إلا بما في التوراة ، و{ أن لا يقولوا على الله إلا الحق } .
[ قال ابن عباس : { أن لا يقولوا على الله إلا الحق } ]{[25907]} ، يعني [ فيما ] يوجبون به من غفران ذنوبهم{[25908]} التي هم عليها مصرون{[25909]} .
وقوله : { ودرسوا ما فيه }[ 169 ] .
معناه : ورثوا الكتاب ، ودرسوا ما فيه ، فنبذوه ، وعملوا بخلاف ما فيه{[25910]} .
وقال ابن زيد : علَّموه ، فعلِموا ما فيه{[25911]} .
ثم قال : { والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون{[25912]} }[ 169 ] .
أي : ما فيها من النعيم{[25913]} .
قوله{[25914]} : { ياخذوه }[ 169 ] وقف{[25915]} .
وكذا{[25916]} : { إلا الحق }{[25917]}[ 169 ] .
وكذا : { ودرسوا ما فيه }{[25918]}[ 169 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.