وقوله تعالى : ( خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ) عن الحسن [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : ما دامت السموات والأرض تبدل وتبدل ، كقوله : ( ويوم تشقق السماء )[ الفرقان : 25 ] [ وقوله ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( يوم تطوى تطوى السماء كطي السجل للكتب )[ الأنبياء : 104 ] وقوله : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات )[ إبراهيم : 48 ] ونحوه .
وقال بعضهم : قوله : ( ما دامت السموات والأرض ) إنما [ هو ][ ساقطة من م ] صلة الكلام ؛ كأنه قال : خالدين فيها إلا ما شاء ذلك . وقد يتكلم بمثل هذا على الصلة .
وقال بعضهم : يدوم لهم العذاب أبدا ما دامت السموات والأرض [ لأهل الدنيا ما داموا فيها لأنهما إنما يفنيان بعد فناء أهلهما ، وبعد إحياء الأهل والبعث ، فأخبر أن العذاب يدوم لهم كما تدوم لأهل الدنيا السماء والأرض ][ ساقطة من م ] وقال بعضهم : ( خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ) أي ما دامت سماء الجنة وسماء النار وأرض النار لكن ذكر هذا لئلا يتوهم أهل الجنة والنار قبل هلاك سمائها وأرضها على ما يتوهم هلاك أهل الدنيا قبل هلاك سمائها وأرضها .
وقال بعضهم ( خالدين فيها ما دامت السموات والأرض ) أي ما دامت الأرض أرضا والسماء سماء يتكلمون على ما بعد من أوهامهم فناؤها أو على الصلة ؛ يقول أن الرجل لآخر : لا أكلمك ما دام الليل والنهار ، أي أبدا .
هذا تأويل قوله : ( ما دامت السموات والأرض ) .
وأما قوله ( إلا ما شاء ربك ) [ فقد ][ ساقطة من الأصل وم ] قال بعضهم : إن ناسا من أهل التوحيد يعذبون في النار على قدر ذنوبهم وخطاياهم ، ثم يخرجون منها .
وقد روي في ذلك ، روي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : «الاستثناء في الآيتين كلتيهما لأهل الجنة »[ البيهقي في البعث والنشور604 ] يعني الذين يخرجون من النار من أهل التوحيد ( إلا ما شاء ربك ) يقول : لم يشقوا شقاء من يخلد في النار قال في الذين سعدوا ( إلا ما شاء ربك ) هم أولئك الذين لم ينالوا من السعادة ما نال أهل الجنة الذين لم يدخلوا النار .
وفي بعضها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «أما من يريد الله إخراجه من النار فإنهم يماتون إماتة » وقال في خبر آخر : «أما من يرد الله له الخلود فلا يخرج منها »[ بنحوه عن ابن عباس : البيهقي في البعث والنشور606 ] وأمثال هذا من الأخبار . فإن ثبت هذا فهو المعتمد .
وقال بعضهم : قوله ( إلا ما شاء ربك ) أي قد شاء لأهل النار الأبد والخلود ، وشاء لأهل الجنة ( عطاء غير محدود )[ هود : 108 ] أي غير منقطع . ويؤيد هذا التأويل ما ذكر في حرف ابن مسعود وأبي [ بن كعب ][ ساقطة من الأصل وم ] ( ما دامت السموات والأرض ) في الآيتين ، وفي الأولى : ( إلا ما شاء ربك ) وفي الأخرى : ( ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ) وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود وأبي [ بن كعب ][ ساقطة من الأصل وم ] أنهما لم يذكرا[ في الأصل وم : يذكر ] الثنيا من أهل الجنة .
وأصل هذا ما ذكر أبو عبيد ؛ قال : الاستثناء الذي هو في أهل السعادة فهو المشكل لأنه يقال : كيف يستثنى ، وقد وعدهم خلود الأبد في الجنة . وقال في ذلك أقوالا لا أدري إلى من [ يسندها ؟ إلا أن لها مخارج ][ في الأصل : يسند إلا لها مخارجا ، وفي م : يسند إلا أن لها مخارجا ] في كلام العرب وشواهد في الآثار .
وإنما يتكلم الناس في هذا على معاني العربية ، والله أعلم ، بما أراد .
قال : فأحد هذه الوجوه في الاستثناء في ما يقال : كالرجل يوجب على نفسه الشيء ، ثم يقول : إن شاء الله ، وعزمه ضميره مع استثنائه أنه فاعله ، لا يريد غيره .
ومما[ في الأصل وم : وهما ] يقوي هذا المذهب قوله الله تعالى : ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم )[ الفتح : 27 ] فاستثنى ، وقد علم أنهم داخلوه البتة .
ومنه ما روي من حديث مكة عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( ولا تحل لقطتها إلا لمنشد )[ البخاري1833 ] وقال بعضهم : استثنى المنشد /246-ب/ ، وهي لا تحل له كما لا تحل لغيره .
والوجه الثاني : بأن يكون إلا في معنى سوى ؛ فإن العرب تفعل ذلك ، تقول : عليك ألف درهم من قبل كذا وكذا إلا الألف التي قبل ذلك ، أي سوى الألف التي قبل ذلك . فيكون المعنى على هذا أنه وعدهم خلود الأبد سوى ما أعد لهم من الزيادة في الكرامة والمنزلة التي لم يذكرها لهم .
ومما يقوي هذا التأويل ما روي عن نبي الله صلى الله عليه وسلم [ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : قال الله تعالى : «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، بله الذي ما أطلعتم عليه . ثم قرأ : ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )الآية[ السجدة : 17 ][ مسلم : 2824 ] ألا ترى أن ههنا من الزيادة ما لم يطلعهم عليه ؟
والوجه الثالث : أن يكون الاستثناء من خلودهم في الجنة احتباسهم عنها ما بين البعث والحساب . وقد قيل ما ذكرنا أنه ما بين الموت والبعث ، وهو البرزخ الذي ذكر إلى أن يصيروا إلى الجنة ، ثم هو خلود الأبد ؛ يقول : فلم يغيبوا عن الجنة إلا بقد إقامتهم في الحساب ، ومما يقوي هذا المذهب ما قيل في قوله : ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )[ المؤمنون : 100 ] قيل : ما بين الموت والبعث ، الله أعلم بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.