الآية 18 : وقوله تعالى : { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح } هو ، والله أعلم ، على التقديم ، أي مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد اشتدت به الريح .
ثم تحتمل { أعمالهم } الأعمال التي كانت لهم في حال إيمانهم ، ثم كفروا بما أحدثوا من الكفر ، أبطل ذلك الأعمال الصالحة في الإيمان ، وهو ما ذكر : { ومن يكفر بالإيمان فقد حبِط عمله } [ المائدة : 5 ] أو تكون محاسنهم التي كانت لهم في حال الكفر ، طمعوا أن ينتفعوا بتلك المحاسن في الآخرة ، فما انتفعوا بها ، فصارت كالرماد الذي تذروه الريح الشديدة ، لم ينتفع صاحب ذلك الرماد به بعد ما عملت [ به الريح ما عملت ]{[9541]} .
فعلى ذلك الأعمال الصالحة التي عملوها في حال كفرهم أو أعمالهم الصالحة التي كانت لهم في حال الإيمان ، ثم أحدثوا الكفر ، لا ينتفعون بها . وقال في آية أخرى : { أعمالهم كسراب بقيعة } [ النور : 39 ] فيشبه أن يكون هذا في أعمالهم السيئة في أنفسها ، فرأوها حسنة كقوله : { كمن زُين له سوء عمله } [ محمد : 14 ] فرآه حسنا ، فيشبه ما كان في نفسه حسنا بالسراب ، لأنه لا شيء هنالك ، إنما يرى خيالا .
فعلى ذلك أعمالهم السيئة في أنفسها ، رأوها حسنة صالحة ، وما كان ، وما يشبه بالرماد فهي الأعمال الصالحة في أنفسها ، لكن الكفر أبطلها .
وقوله تعالى : { في يوم عاصف } اليوم لا يكون عاصفا ، ولكن على الإضمار ، كأنه قال في يوم فيه ريح عاصف كقوله : /269 – ب / { والنهار مبصرا } [ يونس : 67 ] النهار لا يُبصِر ، ولكن يُبصَر فيه ، أو يُبصَر به . قيل : هو القاصف الكاسر الذي يكسر الأشياء . أو يكون قوله : { اشتدت به الريح في يوم عاصف } والعاصف والقاصف حرفان يؤديان جميعا معنى واحدا .
وقوله تعالى : { لا يقدرون مما كسبوا على شيء } كالرماد الذي ذكرنا أن صاحبه ، لا يقدر به [ على شيء بعدما ]{[9542]} عملت به الريح ، وذرته ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ذلك هو الضلال البعيد } يحتمل { ذلك } { هو الضلال البعيد } لا نجاة فيه أبدا ، أو ذلك الذي أتوا به بعيد عن الحق ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.