تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۖ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (13)

الآية 13 : وقوله تعالى : { وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا } الإخراج يحتمل وجوها ثلاثة :

أحدها : على حقيقة الإخراج من البلد إلى غيره من البلدان والأرضين . والثاني{[9501]} : الإخراج الحبس { لنخرجنكم } أي لنحبسنكم عن الانتفاع بالبلد وبأهله وبما فيه .

والثالث{[9502]} : الإخراج القتل ، أي نقتلكم .

وقد كان أهل الكفر يوعدون ، ويخوفون الرسل وأتباعهم بهذه الثلاثة كقولهم : { وإذ يمكر بك الذين كفروا } الآية [ الأنفال : 30 ] ونحوه .

ثم في وعيدهم أوعدوا الرسل [ وجوه ثلاثة حين ]{[9503]} تجاسروا إقبال الرسل بمثل هذا الوعيد ، ومع الرسل آيات وحجج :

أحدهما : أنهم رأوا أنفسهم مسلطين على أولئك قاهرين عليهم ، وكانوا أهل كبر وتجبر . ألا ترى أنه قال : { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد } [ إبراهيم : 15 ] دل هذا أنهم كانوا رأوا أنفسهم كما ذكرنا أهل تسلط وتجبر .

والثاني : قالوا ذلك لهم لما لم يكن عندهم ما يدفعون حجج الرسل وبراهينهم ، فهموا بقتلهم وإخراجهم بعجزهم عن دفع ما ألزمهم الرسل . وهكذا الأمر المتعارف بين الخلق : أن الخصم لا يقصد إهلاك خصمه ما دام له الوصول إلى الحجاج . فإذا عجز عن ذلك فعند ذلك يهم بقتله ، ويقصد إهلاكه .

والثالث : جواب الرسل إياهم عند القول السيء بالقول الذي ليس فوقه أحسن منه .

وقوله تعالى : { أو لتعودن في ملتنا } الملة الدين كقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يتوارث أهل الملتين ) [ الترمذي : 2108 ] وقوله تعالى : { ملة إبراهيم حنيفا } [ البقرة : 135و . . . . . ] أي دين إبراهيم .

وقوله تعالى : { أو لتعودن في ملتنا } ليس أنهم كانوا فيها فتركوها ، ولكن على ابتداء الدخول فيها على ما ذكرنا .


[9501]:في الأصل وم: ويحتمل.
[9502]:في الأصل وم: ويحتمل.
[9503]:في الأصل وم: وجوها ثلاثة حيث.