قوله تعالى : { وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ } الآية لما حكى عن الأنبياء -صلوات لله وسلامه عليهم- توكلهم على الله في دفع شرور أعدائهم حكى عن الكفار أنهم بالغوا في السفاهة وقالوا : { لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } أي لا بد من أحد الأمرين .
قوله : " لنخرنكم " جواب قسم مقدر ، كقوله : " ولنصبرن " وقوله : " أو لتعودن " في " أوْ " ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها على بابها من كونها لأحد الشيئين .
والثاني : أنها بمعنى : " حتَّى " .
والثالث : أنها بمعنى " إلاَّّ " كقولهم : لألزمَنَّكَ أوْ تَقْضِينِي حَقِّي .
والقولان : الأخيران مردودان ، إذ لا يصح تركيب " حتَّى " ولا تركيب " إلاَّ " مع قوله " لتَعُودُن " بخلاف المثال المتقدم ، والعود هنا يحتمل أن يكون على بابه أي : لترجعن و " في ملَّتنا " متعلق به ، وأن يكون بمعنى الصيرورة ، فيكون الجار في محل نصب خبراً لها .
فإن قيل : هذا يوهم أنهم كانوا على ملتهم في أول الأمر حتى يعودا فيها .
أحدها : أن الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- إنَّما نشئوا في تلك البلاد ؛ وكانوا من تلك القبائل وفي أول الأمر ما ظهروا المخالفة مع الكفار ، بل كانوا ساكتين إلى حين الوحي فظن القوم أنهم كانوا على ملتهم لسكوتهم ، فلهذا قالوا : { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } .
وثانيها : أن هذا الكلام الكفار ولا يجب في كل ما قالوه أن يكونوا صادقين .
وثالثها : قال الزمخشريُّ : " العَوْدُ هنا بمعنى الصِّيرورة كثير في كلام العرب كثرة فاشية لا تكاد تسمعهم يستعملون : " صَارَ " ولكن عاد : ما عدت أراه ، وعاد لا يكلمني ما عاد لفلان مالٍ " .
ورابعها : أن الخطاب وإن كان في الظاهر مع الرسل إلا أنَّ المقصود بهذا الخطاب أتباعهم وأصحابهم ، فغلبوا في الخطاب الجماعة ، ولا بأس أن يقال : إنهم قبل ذلك الوقت كانوا على دين أولئك الكفار .
وخامسها : لعل أولئك الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- كانوا قبل إرسالهم على ملَّة من الملل ، ثم إنه -تعالى- نسخه تلك الملة وأمرهم بشريعة أخرى وبقي تلك الأقوام على تلك الشريعة المنسوخة مصرين عليها ، وعلى هذا التقدير ، فلا يبعد أن يطلبوا من الأنبياء صلوات الله عليهم أن يعودوا إلى تلك الملّة .
ولما ذكر الكفَّار هذا الكلام أوحى الله -عزَّ وجلَّ- أليهم { لَنُهْلِكَنَّ الظالمين } .
قوله : " لنُهْلِكنَّ " جوب قسم مضمر ، وذلك القسم وجوابه فيه وجهان :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.