إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۖ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (13)

{ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ } لعل هؤلاء القائلين بعضُ المتمردين العاتين الغالين في الكفر من أولئك الأممِ الكافرة التي نُقِلت مقالاتُهم الشنيعة دون جميعهم كقوم شعيبٍ وأضرابِهم ولذلك لم يُقل وقالوا { لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ منْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنَا } لم يقنَعوا بعصيانهم الرسلَ ومعاندتهم الحقَّ بعد ما رأوا البيناتِ الفائتةَ للحصر حتى اجترأوا على مثل هاتيك العظيمةِ التي لا يكاد يحيط بها دائرةُ الإمكانِ فحلفوا على أن يكون أحدُ المُحالَيْن ، والعَودُ إما بمعنى مطلق الصيرورة أو باعتبار تغليبِ المؤمنين على الرسل ، وقد مر في الأعراف وسيأتي في الكهف { فأوحى إِلَيْهِمْ } أي إلى الرسل { ربُّهُمْ } مالكِ أمرهم عند تناهي كفرِ الكفرة وبلوغِهم من العتو إلى غاية لا مطمَعَ بعدها في إيمانهم { لَنُهْلِكَنَّ الظالمين } على إضمار القولِ أو على إجراء الإيحاءِ مُجراه لكونه ضرباً منه .