تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَوۡ شِئۡنَا لَبَعَثۡنَا فِي كُلِّ قَرۡيَةٖ نَّذِيرٗا} (51)

[ الآية 51 ] وقوله تعالى : { ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا } هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : لو شئنا لرفعنا عنك بعض ما حملنا عليك من المؤن : من مؤنة التبليغ والقيام بذلك ، وحملناها{[14497]} غيرك ، فيكون عليك أيسر وأهون من القيام بالكل .

والثاني : لو شئنا لجعلنا غيرك أيضا أهلا للرسالة وموضعا لها في زمانك وحينك ، فبعثناه في بعض القرى والمدن لكنا لم نجعل غيرك أهلا لها ، وخصصناك لها من غيرك{[14498]} من الناس . فهو على الامتنان يخرج والاختصاص له .

ثم لا يخلو ذلك من أن يكون فيهم من يصلح للرسالة ، ويصلح أن يكون أهلا لها وموضعا ، فلم نرسل ، أو كان لم يكن فيهم من يصلح لذلك . فيكون تأويله : لو شئنا لجعلنا فيه من يصلح للرسالة ، ويصلح أن يكون أهلا لها وموضعا .

فأي الوجهين كان فهو ينقض على المعتزلة قولهم لأنه إن كان فيهم من يصلح لها ، وأرسل ، كان أصلح له ، فلم يرسل ، فقد ترك ما هو أصلح له وأخير ، أو يكون ، لا يصلح فيهم أحد لذلك ، لكنه يملك أن يصلحه ، ويجعله أهلا لها ، فهو أصلح له وأخير ، ثم لم يفعل .

دل أن [ له ]{[14499]} أن يترك الأصلح والأخير في الدين .


[14497]:- في الأصل وم: وحملنا.
[14498]:- الكاف ساقطة من الأصل وم.
[14499]:- من م، ساقطة من الأصل.