تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ وَٱلَّذِينَ يَمۡكُرُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ لَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٞۖ وَمَكۡرُ أُوْلَـٰٓئِكَ هُوَ يَبُورُ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { من كان يريد العزة فللّه العزة } قال بعضهم : من كان يريد القوة والمنعة بعبادة الأصنام ومن عبدوا دونه { فللّه العزة جميعا } أي فبعبادة الله وطاعته [ تلك العزة ]{[17171]} في الدنيا والآخرة ، أي فمن عنده اطلبوا ذلك [ وهو كقوله ]{[17172]} : { من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة } [ النساء : 134 ] أي من عنده اطلبوا ذلك في الدنيا والآخرة .

وقال بعضهم : { من كان يريد العزة } أي العز والتعزّز { فللّه العزة جميعا } أي فبالله يكون عز الدنيا والآخرة [ لا ]{[17173]} بالأصنام التي عبدتموها . وقد كان منهم بعبادتهم الأصنام طلب الأمرين : طلب العز كقوله : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا } [ مريم : 81 ] وطلب القوة والمنعة كقوله : { واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون } [ يس : 74 ] فأخبر أن ذلك إنما يكون بالله وبطاعته . فمن عنده اطلبوا لا من عند من تعبدون من دونه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إليه يصعد الكلِم الطيّب والعمل الصالح يرفعه } اختلف فيه :

قال قائلون : { إليه يصعد الكلم الطيب } هو الوعد الحسن { والعمل الصالح يرفعه } هو إنجاز ما وعد من{[17174]} الوعد الحسن ، ووفى ذلك{[17175]} .

وقال بعضهم : { إليه يصعد الكلم الطيب } هو كلمة التوحيد وشهادة الإخلاص { والعمل الصالح يرفعه } أي إخلاص التوحيد لله يرفع الكلم الطيّب الذي تكلّم به . فعلى هذا التأويل{[17176]} يصعد الكم الطيّب إليه ما لم يُخلص ذلك لله .

وقال قائلون : { إليه يصعد الكلم الطيّب } هو كلمة التوحيد على ما ذكرنا { والعمل الصالح يرفعه } أي يرفع الله العمل الصالح لصاحبه ، يعني لصاحب الكلام الطيّب . فعلى هذا التأويل يصعد الكلم الطيب إليه دون العمل الصالح .

وبعض أهل التأويل [ يقولون : يرفع كلام ]{[17177]} التوحيد الطيّب الصالح إلى الله ، وبه يتقبل الأعمال الصالحة .

وظاهر الآية أن يكون العمل الصالح ، هو الذي يرفع الكلم الطيب ، لكن الوجه فيه ، والله أعلم ، ما ذكرنا من الوجوه .

وبعضهم يقول : إن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب ، والوجه فيه ما ذكرنا .

وقوله تعالى : { والذين يمكرون السيئات } قال عامة أهل التأويل : الذين يعملون السيئات .

وجائز أن يكون ما ذكر من مكرهم السيئات ، هو مكرهم برسول الله وأذاهم إياهم كقوله : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليُثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك } الآية [ الأنفال : 30 ] .

ويمكر الله بهم في الدنيا بالهلاك والقتل ، وفي الآخرة بالعذاب الشديد الذي قال : { لهم عذاب شديد } في الآخرة { ومكر أولئك هو يبور } أي هو يهلك ، من البوار ، وهو الهلاك ، وهو قتلهم ببدر ، والله أعلم .


[17171]:في الأصل وم: ذلك.
[17172]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: عند الله.
[17173]:ساقطة من الأصل وم.
[17174]:أدرج قبلها في م: أي إذا أنجز ما وعده.
[17175]:أدرج بعدها في الأصل وم: الانجاز الوعد الحسن وعد.
[17176]:في الأصل وم: أي.
[17177]:في الأصل وم: يرفع الكلام.