وقوله تعالى : { لا يجب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } اختلف في تأويله وتلاوته : قال بعضهم : { لا يحب الله الجهر بالسوء من } الدعاء{ إلا من ظلم } فإنه لا بأس أن يدعو( المرء ){[6741]} إذا كان مظلوما .
وقال آخرون : الجهر بالسوء من القول ، هو الشتم . أخبر أنه لا يحب ذلك لأحد من الناس . ثم استثنى{ إلا من ظلم } واعتدي عليه . وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه قال : ( الجهر بالسوء من القول أن يشتم الرجل المسلم في وجهه إلا أن يشمته ، فيرد كما قال ، وذلك قوله الله عز وجل{ إلا من ظلم } . { وإن تعفوا } ( التغابن : 14 )/118-ب/ فهو أفضل ) .
وقرأ بعضهم : { إلا من ظلم } بالنصب ؛ فهو يحتمل إلا من ظلم فإنه له{ الجهر بالسوء من القول } وإن لم يكن له ذلك ، وهو كقوله تعالى : { لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم } ( البقرة : 150 ) فإنهم وإن تكن( لهم ){[6742]} حجة عليكم فإنهم يحتجون عليكم . فعلى ذلك الظاهر ، وإن لم يكن الجهر { بالسوء من القول } وإن لم يكن ذلك الجهر { بالسوء من القول } فإنه يفعل ذلك ، والله أعلم .
ومن قرأ { إلا من ظلم } بالرفع فتأويله ما ذكرنا ، والله أعلم ، أنه لا يبيح لأحد { الجهر بالسوء من القول } إلا المظلوم فإنه{[6743]} يباح له ، ويؤذن{[6744]} أن يرد عليه مثله ، وينتصر منه . وقيل : نزلت الآية في أبي بكر رضي الله عنه ، شتمه رجل بمكة ، فسكت عنه ما شاء الله ، ثم انتصر( منه ){[6745]} صلى الله عليه وسلم وتركه .
وعن الحسن رضي الله عنه ، ( أنه ){[6746]} قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المستبان ما قالا فهو على البادي حتى يعتدي المظلوم " ( مسلم 2587 ) وقال : " لا تسبوا فإن كنتم فاعلين لا محالة ، فعلم الرجل من صاحبه فليقل إنك لجبار وإنك لبخيل " ) .
وأصل هذا استثناء أن الأول ، وإن لم يكن من نوع ما استثنى فهو جزاؤه ، وجزاء الشيء يسمى باسمه كما سمى عز وجل جزاء السيئة سيئة . بقوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } وسمى جزاء الاعتداء اعتداء ، وإن لم يكن الثاني اعتداء ولا سيئة . فعلى ذلك استثنى{ إلا من ظلم } وإن لم يكن من نوعه لأنه جزاء الظلم والاعتداء ، والله أعلم .
وقيل : إن الآية نزلت في الضيف ، ينزل بالرجل فلا يضيفه ، ولا يحسن إليه ، فجعل له أن يأخذه بلسانه . وإلى هذا يذهب أكثر المتأولين ، لكنه بعيد .
وفي قوله تعالى : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم } دليل على أن ليس في إباحة الشيء في حال يوجب حظره في حال أخرى لأنه نهى عن الجهر{ بالسوء من القول } . ثم لم يذكر ذلك على أنه لا ينهى عن ذلك في غير حال الجهر به .
وقوله تعالى : { وكان الله سميعا عليما } بجهر السوء{ عليما } به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.