الآية 30 وقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية [ أنه ]{[18494]} قال : ( أمّتي أمّتي ، لأن اليهود قالوا : ربنا الله ، ثم قالوا : عزيرٌ ابن الله ، وأن النصارى قالوا : ربنا الله ، ثم قالوا : المسيح ابن الله ، وإن أمّتي قالوا : ربنا الله ، ولم يشركوا به أحدا ) .
فإن ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو تفسير الاستقامة التي ذكر ، والله أعلم .
وقال بعضهم : أي { قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } في الإخلاص العمل له والقيام بذلك .
وقال بعضهم : { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } على أداء الفرائض والشرائع والحدود .
وقيل : [ قوله ]{[18495]} { ثم استقاموا } في الطاعات له والاستقامة [ يحتمل ]{[18496]} وجوها ثلاثة :
أحدها : في الاعتقاد : اعتقدوا ألا يعصوه ، ويجتنبوا جميع ما يخالف أمره ونهيه .
والثاني : استقاموا في اجتناب ما أعطوا بلسانهم : أنه ربنا الله ، وقاموا بوفاء ما أعطوا بلسانهم قولا وفعلا .
والثالث : قاموا في جميع الأعمال مُخلصين لله تعالى ، لم يشركوا فيها [ أحد ولا أعطوا ]{[18497]} لأحد نصيبا من المُراآة غيرها ، بل [ جعلوه ]{[18498]} خالصا لله تعالى سالما ، والله أعلم بما أراد بذلك .
وقوله تعالى : { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا } اختُلف فيه : قال بعضهم : ذلك عند قبضهم الأرواح في الدنيا يبشّرونهم{[18499]} بما ذكر . وقال بعضهم : تقول لهم الملائكة يوم القيامة عند معاينتهم الأهوال والأفزاع لتسكُن بذلك قلوبهم عند تلك الأهوال والشدائد ، والله أعلم .
ثم اختلف في قوله : { أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا } أي لا تخافوا ما أمامكم ، ولا تحزنوا على ما خلّفتكم من الأهل والأولاد . وقيل : لا تخافوا ما تُقدِمون عليه من الموت وأمر الآخرة ، ولا تحزنوا على ما خلّفتم {[18500]} من أهل أو دين . وقال بعضهم : لا تخافوا من العذاب ، ولا تحزنوا على فوت ما وعدتم من النعيم ، فإنها دائمة ، لا تفوت ، ولا تنقطع أبدا .
وقوله تعالى : { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } على ألسُن الأنبياء والرسل عليهم السلام فمن قال : إن البشارة التي ذكر في الدنيا عند قبض الأرواح ، وقد{[18501]} ذكر في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) [ مسلم 2956 ] لأن المؤمن ، تُرى له الجنة ، ويُبشَّر لها في ذلك الوقت ، فتصير الدنيا له سجنا لما عاين مما هُيّئ له ، وجُعل له الثواب ، والكافر لما أُرِي{[18502]} له مكانه في النار ، أو بُشّر به{[18503]} في ذلك الوقت ، صارت له الدنيا جنة .
وعلى ذلك قوله عليه السلام ( من أحب لقاء الله أحب لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره لقاءه ) [ البخاري : 6507 و6508 ] والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.