تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ} (4)

الآية 4 وقوله تعالى : { له ما في السماوات وما في الأرض } ويُخرّج ذكر هذا في هذا الموضع على الوجوه : [ أحدهما : ]{[18645]} أي { له ما في السماوات وما في الأرض } شهود على ألوهيته ووحدانيته .

والثاني : أن ما في السماوات والأرض وما فيها ، له دلالات وحدانيته وربوبيّته .

والثالث : { له ما في السماوات وما في الأرض } أي كلهم عبيده ومُلكه فلا يحتمل أن يتخذ من ملكه وعبيده ما ذكروا من الولد والشريك والصاحبة وما قالوا ؛ إذ لا أحد يتخذ من عبيده وملكه ما ذكروا من الولد والشريك والصاحبة . فعلى ذلك يتعالى الله عن أن يكون له في مُلكه ما ذكروا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وهو العليّ العظيم } العلوّ والعظمة في الشاهد يكونان{[18646]} من وجوه ثلاثة :

أحدهما : العلوّ عبارة عن القهر والغلبة ؛ يقال : فلان عال ، أي غالب وقاهر ، والعظمة عبارة عن القدرة والمنزلة ونفاذ الأمر .

والثاني : يكون العلوّ عبارة عن الكبرياء والسّؤدد ، وكذلك العظمة .

والثالث : العلوّ يكون عبارة عن الارتفاع في المكان ، والعظمة عظمة في البدن والنفس ، وهذا مما لا يكون فيه كثير{[18647]} منقبة وقدر ، ولا شيء من ذلك ، ولا يزيد ذلك في صاحبه ِرفعة ولا مرتبة ، والله يتعالى عن الوصف بهذا . فإنما رجع الوصف له بالعلو والعظمة إلى الوجهين الأولين : السلطان والقدرة ونفاذ الأمر والمشيئة والكبرياء والغلبة .

فأما ما رجع إلى الارتفاع في الأمكنة والعظمة في البدن فهو صفة الخلق{[18648]} ، وهم الموصوفون بذلك ، تعالى الله { عما يقولون علوا كبيرا } [ الإسراء : 43 ] .


[18645]:ساقطة من الأصل وم.
[18646]:في الأصل وم: تكون.
[18647]:في الأصل وم: كثرة.
[18648]:في الأصل وم: المخلوق.