تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَا وَتُنذِرَ يَوۡمَ ٱلۡجَمۡعِ لَا رَيۡبَ فِيهِۚ فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} (7)

الآية 7 وقوله تعالى : { وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا } ليكون أقرب إلى الفهم ، وأولى أن يكون حجة عليهم ، وأبلغ في الحجاج لأنه ذكر فيه الأنباء السالفة والأخبار المتقدمة باللسان العربي غير لسان تلك الأنباء ومن غير أن يختلف إلى أحد من أهل ذلك اللسان [ ولو اختلف ]{[18654]} لتُوهّم العلم منهم بلسانهم والنقل بلسانه{[18655]} نفسه . فدلّ أنه إنما عرف [ ذلك ]{[18656]} والله أعلم .

وقوله تعالى : { لتُنذر أمّ القرى ومن حولها } أي لينذر أهل أم القرى وأهل من حولها من القرى . ثم تحتمل تسمية مكة أمّ القرى وجوها ثلاثة :

أحدها : سمّاها أمّ القرى لما منها دُحيت سائر الأرضين والقرى .

والثاني : سمّاها أمّ القرى لأنها أول بيت وضع للناس ، وأول بناء بني في الأرض ، فسمّها لذلك أمّ القرى ، والله أعلم .

والثالث : سمّاها أمّ القرى لما على الناس أن يؤمّوها ، ويقصدوها بالزيارة ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما بُعث رسولا [ بُعث ]{[18657]} فيها ، فإليها يُؤمّ ، ويقصد ، بالدعوة أول ما{[18658]} يُؤمّ ، ويُقصد . ثم من بعد ذلك يُؤمّ إلى سائر القُرى والبلدان ، ويقصد ، والأم القصد ، ومنه أُخذ التيمم . ولذلك سمّاها أمّ القرى ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وتُنذر يوم الجمع } أي وتنذر بيوم الجمع . ويحتمل أن يكون قوله : { وتُنذر يوم الجمع } أي تنذر بالقرآن { يوم الجمع لا ريب فيه } .

وقوله تعالى : { فريق في الجنة وفريق في السعير } قد بيّن الله تعالى السبيلين جميعا على الإبلاغ ، وبيّن عاقبة كل سبيل إلى ما يُفضي من سلكها ، والله أعلم .


[18654]:ساقطة من الأصل وم.
[18655]:في الأصل وم: بلسان.
[18656]:ساقطة من الأصل وم.
[18657]:من نسخة الحرم المكي، ساقطة من الأصل وم.
[18658]:في الأصل وم: مما.