نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡعَظِيمُ} (4)

ولما ختمت سورة السجدة بقوله تعالى { إلا أنهم في مرية من لقاء ربهم } أعقبها سبحانه بتنزيهه وتعاليه عن ريبهم وشكهم ، فقال تعالى { تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن } كما أعقب بمثله في قوله تعالى { وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إدا تكاد السماوات يتفطرن منه } ولما تكرر في سورة حم السجدة ذكر تكبر المشركين وبعد انقيادهم في قوله تعالى { فأعرض أكثرهم وقالوا قلوبنا في أكنة

} إلى ما ذكر تعالى من حالهم المنبئة عن بعد استجابتهم فقال تعالى في سورة الشورى { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } - انتهى .

ولما أخبر سبحانه أنه صاحب الوحي بالشرائع دائماً قديماً وحديثاً ، علل ذلك بأنه صاحب الملك العام فقال : { له ما في السماوات } أي من الذوات والمعاني { وما في الأرض } كذلك . ولما كان العلو مستلزماً للقدرة قال : { وهو العلي } أي على العرش الذي السماوات فيه علو رتبة وعظمة ومكانة لا مكان وملابسة ، فاستلزم ذلك أن تكون له السماوات كلها والأراضي كلها مع ما فيها { العظيم * } أي فلا يتصور شيء في وهم ولا يتخيل في عقل إلا وهو أعظم منه بالقهر والملك ، فلذلك يوحي إلى من يشاء بما يشاء من إقرار وتبديل ، لا اعتراض لأحد عليه .