تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلۡكَعۡبَةَ ٱلۡبَيۡتَ ٱلۡحَرَامَ قِيَٰمٗا لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهۡرَ ٱلۡحَرَامَ وَٱلۡهَدۡيَ وَٱلۡقَلَـٰٓئِدَۚ ذَٰلِكَ لِتَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (97)

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ ) الآية

اختلف فيه : قال بعضهم : قوله تعالى : ( قياما للناس ) أي ثباتا للناس ودواما ، لأن الله تعالى جعلها موضعا لإقامة العبادات من نحو الحج والطواف والصلوات ، [ وإقامة حرماته ][ في الأصل : وأراقة ، في م : وإراقة حرماته ] والهدايا وغير ذلك من العبادات ، جعلها ثابتة دائمة ، لا تبدل ولا تنسخ أبدا . فذلك معنى القيام للناس ، والله أعلم .

وقال بعضهم ( قياما ) بمعنى قواما أي جعلها قواما لهم في معادهم لأنه جعلها مأمنا لهم وملجأ حتى إن من ارتكب كبيرة ، أو أجرم جريمة ، ثم لجأ إليه ، ثم لم يتعرض له بشيء من ذلك ، ولا ينال[ في الأصل وم : يتناول ] منه . وكانوا إذا وجدوا هديا مقلدا لم يتعرضوا له ، وإن كانت حاجتهم إليه شديدة ، ونحو هذا كثير مما يطول ذكره . وجعل فيها عبادات ومقصدا ما لم يجعل في غيرها من البقاع من قضاء[ في الأصل وم : القضاء ] المناسك وغيرها .

وكذلك الشهر الحرام كان جعله مأمنا لهم ، إذا دخلوا فيه يأمنون[ من م ، في الأصل : مامنون ] من كل خوف كان بهم .

وجعل في الهدايا والقلائد منفعة لأهلها ، فكان في ذلك قواما لهم في معاشهم ومعادهم . وعن سعيد بن جبير [ أنه قال ][ ساقطة من الأصل وم ] : قال الله تعالى : ( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ) شدة لدينهم .

وقوله تعالى : ( ذلك لتعلموا ) أي ذلك الأمن ، وما ذكرنا من جعل الكعبة قواما لهم في معاشهم ومعادهم ( لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ) أي على علم جعل هكذا قبل أن يكون .

وقال بعضهم : قوله تعالى : ( ذلك ) أي ما سبق ذكره من تحريف الكتب وتغيير[ في الأصل وم : وتغييره ] وتبديل بعثه[ في الأصل وم : نعته ] صلى الله عليه وسلم وصفته ، أي على علم منه بالتحريف والتبديل ، خلقكم لا عن جهل ، ليمتحنكم ، لما لا يضره كفر كافر ، ولا ينفعه إيمان مؤمن . بل حاصل ضرر الكفر يرجع إلى الكافر ، وحاصل نفع الإيمان يرجع إلى المؤمن .