تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُل لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ كَثۡرَةُ ٱلۡخَبِيثِۚ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يَـٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (100)

وقوله تعالى : { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } الآية

تحتمل وجهين : أحدهما : خرج عن سؤال قد سبق من كثرة الأموال لما رأوا أولئك كانوا يستكبرون ، ويجمعون من حيث يحل ولا يحل ، فمالت أنفسهم إلى ذلك ، ورَغِبت ، فقال : { قلْ لا يستوي الخبيث والطيب } كأنه قال : إن القليل والطيب خير من الكثير من الخبيث ، والله أعلم .

والثاني : أنهم رغبوا في عبادة أولئك من الترهيب والاعتزال عن الناس لدفع أذى خبثهم عنهم وكثرة ما كانوا يتحملون من الشدائد ، ورغبوا في ذلك ، وهموا على ذلك على ما ذكر في القصة عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم هموا أن يترهبوا ، أو يعتزلوا عن الناس ، فقال صلى الله عليه وسلم : { قل لا يستوي الخبيث والطيب } إن العمل القليل مع أصل طيب خير من الكثير مع خبث الأصل .

وقوله تعالى : { فاتقوا الله } في مخافة أمره ونهيه { يا أولي الألباب } فيه دلالة أن الله لا يخاطب أحدا إلا من كمل عقله وتم . وبالله العصمة .